خاتمة غريبة وبداية مؤلمة

نشر في 18-01-2023
آخر تحديث 17-01-2023 | 19:22
 حـنان بدر الرومي

كثيرون سألوني: لماذا لم نسمع لك أي تعليق رغم سخونة الأحداث وتسارعها؟

بصراحة لم أجد ما أكتبه، فلست من ضمن فئة المتسرعين بالتعليق أو من جماعة إضافة البهارات وتأليف القصص حول الأحداث، أخذت لنفسي زاوية وجلست أتابع ما يجري وأحدث نفسي وأحلل بصمت، كان عملاً مرهقاً للنفس والروح، فالكويت غالية على قلبي.

ودعنا عاماً واستقبلنا عاماً جديداً بحالة مختلفة عما عهدناها بأنفسنا، فالحكومة الموقرة أعطتنا هدية العام الجديد، فكان مشهد النهاية الصادم الذي لم يتوقعه أمهر كتاب السيناريوهات لأفلام الأكشن، استقالة أو إقالة عدد كبير جداً يصل إلى 552 من المسؤولين والقياديين في مختلف الدوائر الحكومية، فجأة ولا بالأحلام أصبحت الشواغر في الكراسي البراقة وما أكثرها، ولا إله إلا الله، لتبدأ فقاعة ما يسمى «الراتب الاستثنائي» للقياديين المستقيلين، وهو رقم كبير جداً لا يتناسب مع فشلهم في تنفيذ وتطبيق المشاريع والبرامج الأمر الذي أثار غضب الشارع الكويتي.

وبما أن العرض لا يزال مستمراً صدر قرار لوزير المالية لتحديد رسوم جديدة لبعض التراخيص الحكومية وغيرها، وبنسبة تزيد أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه، وبحكم أن بوصلة نوابنا الأفاضل تتجه إلى نواح أخرى، فقد جرونا إلى أزمة جديدة مفتعلة، وهي قضية شراء قروض المواطنين وتحويلها إلى قضية مصير دولة، لذلك لا بد من استعراض قوة الحناجر والوقاحة اللفظية لدى بعض النواب للوصول إلى سكة سد في العلاقة مع الحكومة التي تجيد فن المراوغة، ناهيك عن المطالبات المتزايدة بالتجنيس للبدون وتوظيفهم وإعطائهم حقوق المواطنة الكاملة، وما يثير علامات الاستغراب الصمت الغريب جداً من النواب الذين نعتبرهم أهل الديرة، وكأنهم حقنوا بإبرة مهدئة للأعصاب حتى الاسترخاء التام.

ثم ظهرت قصة الرواتب الاستثنائية ومساعدة عضو مجلس بلدي لسد مديونيته، ومعها مكافأة مالية تحقق أحلامه، وبعدها فوجئنا بسالفة الامتحانات المسربة و... و...، وكأن حال البلد توقفت فقط على الفساد سواء من الحكومة أو الأفراد، في حين قضايا التنمية والإصلاح والأمن والاقتصاد والتركيبة السكانية مؤجلة حتى إشعار آخر.

إننا في الواقع أمام مسرحية حبكت مشاهدها وبين ليّ الذراع وتقليم الأظافر ضاع المواطن العادي وضاعت مطالبه وأحلامه البسيطة، وفي المقابل تزايد عدد المليونيرية الذين لا يعرف مصدر ثرائهم، فما حدث وما سيحدث سيقود المواطن في النهاية، وحسب ما أراه، إلى الإحباط والقلق، وسيتزايد التراشق بالتهم وتكبر الفجوة بين أفراد المجتمع حتى يكفر الكويتي بقناعاته وموروثاته وقيمه، فلقد وصلنا إلى مرحلة بدأ فيها الشباب بالهجرة للعمل في دول أخرى، وهناك من يربي أبناءه على فكرة الهجرة النهائية عدا أن العديد من المتقاعدين استقروا بصورة شبه كاملة في دول أخرى بحثاً عن راحة البال التي يفتقدها الجميع داخل الكويت.

الديموقراطية في الكويت والممثلة في مجلس الأمة تتجه بانحدار سريع للهاوية مع تساقط متلاحق للنماذج الوطنية، مميزات دولة الرفاهية التي عرفت عن دولة الكويت ستتقلص لأن الحلول غير متاحة، فالعقول الواعية موجودة، والكويتي مدرك لكل ما حوله، لكن القرار للأسف مؤجل والصورة ضبابية حتى هذه اللحظة.

اللهم رحمتك بالكويت وأهلها.

back to top