التقدميون في حالة إفراط... دروس من Sierra Club
بعد مقتل جورج فلويد عام 2020، دعت منظمة «سييرا كلوب» إلى خفض تمويل الشرطة، وتقديم تعويضات عن «العبودية»، كما واجه مؤسسها جون موير انتقادات بسبب كتاباته التي اعتُبرت «عنصرية».
رغم كل التركيز الإعلامي على نيويورك، هناك دلائل على أن الديموقراطيين بدأوا يتراجعون عن هوس اليسار التقدُّمي بالعرق والجنس والمناخ. لكن هناك تحذيراً واضحاً من مؤسسة حاولت دمج كل هذه القضايا تحت سقف واحد: «Sierra Club». هذه المنظمة البيئية العريقة، التي تصف نفسها بأنها «أكبر وأقوى منظمة بيئية شعبية في البلاد»، تشهد اليوم حالة انهيار داخلي، ضعفت وتشتتت وانقسمت، في وقت تواجه حماية البيئة هجمات سياسية من إدارة ترامب.منذ 2019، فقد النادي نحو 60 في المئة من أعضائه، البالغ عددهم أربعة ملايين، وعانى ثلاث موجات تسريح للموظفين منذ 2022، في محاولة للخروج من عجزٍ متوقع قدره 40 مليون دولار.
المفارقة أن المنظمة، بدل التركيز على البيئة، اتجهت إلى القضايا التقدُّمية: العدالة العرقية، وحقوق العمال، وحقوق المثليين، وحقوق المهاجرين والمزيد. ما كان يهدف إلى مقاومة سياسات ترامب، أصبح ساحة لصراعات داخلية على السُّلطة والأيديولوجيا.
داخل النادي، أصدرت الإدارة دليل «لغة العدالة»، الذي حذَّر الموظفين من استخدام كلمات، مثل: «نشيط» و«مجتهد»، لأنها قد تعزز الصور النمطية العنصرية، وتجنب استخدام كلمة «أميركيين»، لأنها تستثني غير المواطنين.
بعد مقتل جورج فلويد في 2020، دعت المنظمة إلى خفض تمويل الشرطة، وتقديم تعويضات عن العبودية. حتى مؤسس النادي، جون موير، واجه انتقادات، بسبب كتاباته، التي اعتُبرت «عنصرية».
كما وصف آرون ماير، أول رئيس مجلس إدارة أسود للنادي، هذا التغيير بأنه يُشبه «اقتلاع شجرة السيكويا، وتحويلها إلى مقبض فأس». عندما حاول الدفاع عن موير، رفض النادي نشر مقاله، وقام بتوبيخه عند نشره في مكانٍ آخر.
التقرير يسلِّط الضوء على درسٍ واضح: الجمع بين البيئة والسياسة التقدُّمية المُفرطة يمكن أن يُضعف المؤسسة أكثر مما يضر خصومها. ما بدأ كمجموعة لحماية الطبيعة أصبح نموذجاً لصراعات أيديولوجية، يُرهق أعضاءه، ويُبعد الجمهور المهتم بالقضايا البيئية الحقيقية.
قد يكون هذا درساً أوسع للتيار التقدُّمي: الإفراط في دمج السياسة في كل مؤسسة، مهما كانت نبيلة أهدافها، يمكن أن يقضي على مصداقيتها، ويُضعف قدرتها على تحقيق أهدافها الأساسية. فالتوازن بين القِيم والمهمة الأساسية يبقى شرطاً ضرورياً لاستمرارية أي منظمة مؤثرة.
* جيمس فريمان مؤلف مشارك لكتابَي «The Cost» و«Borrowed Time»