هل «حماس» ضد الإرهاب؟

نشر في 13-11-2025
آخر تحديث 11-11-2025 | 18:40
 خليل علي حيدر

الآن، وقد راكم إخوان فلسطين (حماس) كل هذه الخبرة القتالية ضد إسرائيل، على امتداد عامين وأكثر، وخاضوا غمار حربٍ شرسة مدمرة، واعتادت آذانهم على كل ألوان الشكوى الشعبية والتذمُّر والبكاء والعويل، تحوَّل تنظيم حماس إلى وحشٍ رهيب محبوس مؤقتاً في الأنفاق.. وقد يخرج للدول العربية نفسها يوماً!

لن ينتهي أمر «حماس»، مهما كانت درجة التفاؤل والسَّذاجة، ولن يغفر جند ومحاربو «حماس» للعرب، الذين لم يعبروا الحدود الأردنية واللبنانية والمصرية وغيرها للانضمام إلى صفوفهم وخوض المعارك إلى جانبهم، مهما كانت ستفعل إسرائیل بهم، فمَنْ قال إن القاهرة وعمَّان وبيروت ومبانيها وبيوت وشقق الناس ومؤسسات هذه الدول، وكذا دول الخليج وغيرها، أغلى من مباني وعمارات غزة وفلسطين؟

دمَّرت «حماس» غزة أي دمار! ربما لن تصحو منه غزة وتعود. ولن يعوض أحدٌ الشعب الفلسطيني خسائره في الأرواح والموجودات، فالأرقام- كما هو معروف- تتضارب، وضمان استمرار تدفق المليارات على غزة، التي يتزامن ترميمها مع تعمير سورية وتركيا- من الزلزال الرهيب المنسي... غير أكيد. ولا سبيل إلى معرفة المعارك المالية والمعمارية والسياسية المتوقعة بنتائج غير مرغوب فيها دائماً. وما مدى تصادم السياسات العربية والأميركية والأوروبية وغيرها في الأيام القادمة؟ وكم من السنوات سيستغرق التعمير؟ ومَنْ سيتسلَّم التعويضات؟ وما مدى تدخل القيادات الإسرائيلية في المنع والصَّرف؟ 

ثم إن الدول العربية لم تكن وحدها أو بعضها في الصورة، فهناك كذلك تركيا، والأهم منها في تمويل «حماس»، القيادة الإيرانية.

وكم هو مدهش أن يتدهور التومان الإيراني، حتى يخرق الأرض انحداراً، وتتعمَّق مشاكل المواطنين، بما في ذلك الجفاف ونُدرة الماء، ولا يؤثر ذلك في الموقف الإيراني! فلا تعقل القيادة، ولا تنضج السياسة الإيرانية!

وها هي إيران تُحيي ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بتظاهرات وخطابات مُعادية ومواقف حادَّة، وبتهديدات استعراضية ضد أميركا وإسرائيل والغرب، ومنها تهديدات وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي، بأن بلاده «أكثر استعداداً للحرب من أي وقتٍ مضى». إلى متى يستمر تبديد ثروات إيران على المغامرات؟

لكن وزير الخارجية، الذي ليس بيده أي أمرٍ أو نهيٍ ولا رأي ولا شور في الشؤون الخارجية الإيرانية- فكلها بيد «مرشد الثورة» - لم يتحدَّث في مقابلات وتصريحاته عن تدهور الحياة الاقتصادية والخدمات ونُدرة المياه، وحال الناس!

وكان على الوزير عراقجي أن يفسح المجال لوزراء الري والاقتصاد، مثلاً، ليُطمئنوا الجمهور. فسكان المُدن أكثر من عشرة ملايين، تقول الصحافة، قد تواجه مدينتهم هذه السنة «أسوأ جفاف منذ عقود، وفي طهران انخفض معدَّل هطول الأمطار، وبشكلٍ غير مسبوق تقريباً منذ قرن، وفق ما أفاد مسؤول محلي». (النهار: 4/ 11/ 2025).

تفاؤل عراقجي يتناقض مع تشاؤم وانتقادات رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان قبل شهر، عندما قال: «ننام على الذهب، لكننا جائعون»، وأضاف: «مدراؤنا ومسؤولونا وساستنا ومشرِّعونا الذين يتحمَّلون اللوم، وليس أمیرکا».

إيران التي شجَّعت قادة «حماس» كل هذه السنوات، وملأت حقائب سفرهم بالدولارات، ومن المؤكد أن لها صِلة ما بهجوم أكتوبر على إسرائيل، وما جرّ ذلك من موت ونار ودمار، ألا ينبغي أن تكون المبادرة إلى دفع مليارات التعمير؟ وطالب بزشكيان بزيادة الإنفاق على التعليم والاهتمام به، وتساءل: «لماذا نتخلَّف عن الدول المجاورة؟»، وله حق التساؤل، إذ لا توجد جامعة إيرانية تنافس جامعات الإمارات والسعودية...! 

إیران تواصل تحدي إسرائيل وأميركا معاً! الصحف تقول إن إيران تدعم فنزويلا في وجه الرئيس ترامب بمصانع إنتاج صواريخ ومسيرات. والرئيس بزشكيان يُلوِّح «بإخلاء طهران، بسبب شُح المياه إذا لم تُمطر بين أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر».

لم يعرف العراق الحديث تنظيماً إجرامياً يُضاهي «داعش» في العنف والقتل وسفك دماء العراقيين. جرائم «داعش» طالت كذلك الأردن في أحد الفنادق بالعاصمة (عمَّان). في العراق قتل «داعش» أعداداً هائلة من الشيعة والسُّنة في مختلف المناطق، قتل 26 شرطياً عراقياً في سامراء، وقتل في اليوم الثاني 21 شرطياً بمحافظة الأنبار.

وكان تنظيم داعش أوحش ما يكون عندما كان تحت إمرة المجرم أبومصعب الزرقاوي... جزار «داعش».

ولكن «حماس» بكت على الزرقاوي، واهتزت لمقتله، وقد صرَّح سامي أبوزهري، المتحدث باسم «حماس»، وأشاد بالزرقاوي «باعتباره رمزاً لمقاومة الاحتلال»، وبحركة «تحرير العراق، التي كان الزرقاوي أحد رموزها» (السياسة: 10/ 6/ 2006).

وأورد الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم ملاحظةً وتساؤلاً عن قيام قناة الجزيرة بتغطية الحدث، وقال الهاشم: لماذا لم يهتم الإعلام بمقتل المخرج السوري مصطفى العقاد وابنته، اللذين قُتلا في انفجار الزرقاوي؟ وتساءل: لماذا الاهتمام بالقاتل وتجاهل القتيل؟

وقد انتقدت شخصياً موقف «حماس»، واندفاعها في الدفاع عن الزرقاوي، والتعزية بمقتله، رغم قتل المئات والآلاف من العراقيين وغيرهم، وقلت: «لقد اعتبرت (حماس) الزرقاوي رمزاً من رموز المقاومة، ولا شك في أن إعجابهم السري وتقديسهم غير المعلن للزرقاوي أكبر بكثير».

لقد كرَّرت «حماس»، بتعاطفها مع الزرقاوي، الخطأ القاتل الذي ارتكبته القيادة الفلسطينية في الكويت عام 1991.

back to top