خذ ممداني على محمل الجد... حرفياً وفعلياً

نشر في 10-11-2025
آخر تحديث 09-11-2025 | 19:24
 وول ستريت جورنال

ما حدث يوم الثلاثاء في نيويورك ليس مجرد فوز انتخابي، إنه حدث جاد وكبير. طوال القرن العشرين، كانت التحولات السياسية الكبرى -اليسار في 1932 أو اليمين في 1980 - تستمر فترة قبل أن تعود إلى الوسط. في هذا القرن، نتأرجح أكثر، أحياناً بدافع قوة وتجدد، وأحياناً من ضعف وتخبط. المهم أننا نحاول تفسير منطقنا بعد كل تحرك.

الانتخابات الأخيرة كانت انعكاساً لذلك. نعم، دونالد ترامب حاضر، بأسلوبه ومضمونه، من غاراته على أماكن عمل المهاجرين إلى خطاباته المثيرة، مما دفع اللاتينيين الذين كانوا يميلون لليمين إلى العودة لليسار. لكن السبب الأعمق يكمن في ارتفاع تكاليف المعيشة، والشعور بأن الحكومة لا تفعل ما يكفي، وسط خوف من أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الوظائف، مما يجعل شبكة الأمان الاجتماعي ضرورة لا غنى عنها.

وفي نيويورك، شهدنا أكبر تحول سياسي، بعد أن انتخبت المدينة محافظاً نسبياً في 2021، اختار الناخبون هذه المرة الاشتراكي زهران ممداني. فاز بأكثر من 50 بالمئة في سباق من 3 مرشحين، كأول عمدة مسلم، وإعلان صريح عن ميوله الاشتراكية، بعمر 34 عاماً، ودون سجل سياسي تقليدي - إنجاز استثنائي بكل المقاييس.

ممداني ليس نسخة أخرى من ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، هو جاد ومصمم على التنفيذ. في خطاب الانتصار، أعلن سيطرته: «للوصول إلى أيّ منا، عليكم المرور علينا جميعاً»، وأضاف أن المليارديرات «يجب أن يلعبوا بنفس القواعد»، وأنه «سيضع نهاية لثقافة الفساد»، ووصف فوزه بأنه بداية «عصر جديد»، وجعل باراك أوباما يبدو متواضعاً.

في مقابلة لاحقة، شدد على رفع الضرائب على الأغنياء، مؤكداً أن نظام الضرائب الحالي يخون الطبقة العاملة. ومن المتوقع أن يبدأ بالتركيز على الخدمات الأساسية للمدينة، مثل جمع القمامة، قبل تنفيذ أجندته الاشتراكية بالكامل.

اقتصادياً، يريد زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات، وهو ما قد يصطدم بتفاصيل عملية، لكنه يحظى بدعم شبابه المتحمس، الذي يضم 100 ألف متطوع مستعدين للعمل على كل جانب من جوانب حياته المدنية.

الجمهوريون بحاجة إلى فهم حقيقة ممداني: ليس مجرد «خصم انتخابي» للتهكم عليه. إنه ذكي، يفهم واقع اليوم، ويمتلك أيديولوجية مكتملة. نجاحه أو فشله قد يغير تصور الأميركيين خارج نيويورك عن اليسار، وربما يجعل سياساته الاشتراكية مدروسة وجاذبة للبعض، خاصة في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي المقبلة.

باختصار، ممداني تجربة سياسية جدية - خذوه على محمل الجد، حرفياً وفعلياً- فهو قد يعيد تشكيل السياسة في نيويورك، وربما أبعد من ذلك.

* بيغي نونان

back to top