هل يواجه الاحتياطي الفدرالي أزمة؟

نشر في 10-11-2025
آخر تحديث 09-11-2025 | 19:22
 وول ستريت جورنال

أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة أن أزمة القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة ستظل محوراً رئيسياً في انتخابات منتصف 2026، بغضّ النظر عن مؤشرات النمو. ومع ذلك، فقد اتخذ «الاحتياطي الفدرالي» الأسبوع الماضي 3 خطوات خاطئة ستضر بالاقتصاد وتعيق برنامج الرئيس ترامب للنمو.

خفض «الفدرالي» سعر الفائدة ربع نقطة مئوية فقط، متأخراً بذلك عن دورة الخفض المطلوبة، ثم أعلن أن أي تخفيضات إضافية ستعتمد على ضعف الاقتصاد، في إشارة إلى أن البنك لا يزال أسير نظريته القديمة التي ترى أن النمو في الوظائف والإنفاق هو خطر تضخمي لا فرصة للنمو. 

الأسوأ أنه قرر وقف تقليص ميزانيته العمومية ورفع مشترياته من السندات الممولة من البنوك، وهو ما سيضغط على الأعمال الصغيرة ويؤدي إلى تراجع دخول الطبقة المتوسطة.

ولو بدأ «الفدرالي» خفض الفائدة منذ يونيو، لكان خفّف عبء القروض العقارية وأسعار الفائدة المتغيرة التي تخنق المشروعات الصغيرة. فاليوم تبلغ الفائدة الأساسية الأميركية 3.9 بالمئة، بينما لا تتجاوز 2 بالمئة في أوروبا و0.5 بالمئة في اليابان، رغم أن اقتصادات تلك الدول أضعف من الاقتصاد الأميركي. هذا التأخر يجعل تكلفة الاقتراض مرتفعة ويقوّض أثر التخفيضات الضريبية الدائمة التي وقّعها ترامب في يوليو، إلى جانب الإصلاحات في قطاع الطاقة والتقدم في التكنولوجيا.

كما أن هذا التأخير مكلف لدافعي الضرائب، فالحكومة تموّل ديناً يتجاوز 38 تريليون دولار، متجهاً نحو 41 تريليوناً. وحدها أسعار الفائدة المرتفعة منذ يونيو أضافت عشرات المليارات من الدولارات إلى خدمة الدين الوطني بلا مبرر.

أما القرار الأخطر فكان إيقاف تقليص الميزانية العمومية البالغة 6.3 تريليونات دولار. فبدلاً من السماح بانخفاض أصوله تدريجياً، سيزيد «الفدرالي» مشترياته الشهرية من سندات الخزانة ليعوض ما يستحق منها، أي أنه سيضخ المزيد من الأموال في الدين الحكومي على حساب القطاع الخاص.

هذه السياسة تُقحم «الفدرالي» مباشرة في السياسة المالية، كما أوضح وزير الخزانة سكوت بيسنت، فإن «تشابك السياسة النقدية مع إدارة الدين العام يخلق الانطباع بأن البنك المركزي يخدم الأغراض المالية للحكومة». هذه ليست سياسة تحفيزية، بل أداة لتشويه السوق وتوسيع فجوة الدخل، إذ تستفيد الشركات الكبرى من الديون الرخيصة، بينما تُخنق الشركات الصغيرة بالقروض المتقلبة.

يموّل «الفدرالي» هذه المشتريات عبر اقتراضه من البنوك - 40 بالمئة منها أجنبية - وصناديق السوق النقدي، ويدفع عليها فوائد مرتفعة تصل إلى 3.9 بالمئة. وبذلك يحوّل الودائع التي يفترض أن تذهب إلى تمويل الأعمال والإنتاج نحو تمويل الدين الحكومي. إنه يخلق اقتصاداً يعتمد على الدولة بدلاً من القطاع الخاص.

ورغم خسائره الضخمة وفشله في تحقيق استقرار الأسعار، يواصل «الفدرالي» توسيع سلطته بدلاً من إصلاح نفسه. إنه يعمل فعلياً كصندوق مضاربات ضخم يقترض من البنوك لشراء سندات خزانة خاسرة، ويقوّض أسواق الإقراض الخاصة التي كانت يوماً نابضة بالحياة.

في النهاية، يوجّه «الفدرالي» الاقتصاد الأميركي بعيداً عن روح السوق الحرة، ويجعله أكثر اعتماداً عليه. يبرر ذلك بأنه يجعل النظام المالي «أكثر أماناً»، لكنه في الحقيقة يجعله أكثر هشاشة ويمنع الابتكار في زمن يتسارع فيه تطور العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

* وكيل وزارة الخزانة الأميركية الأسبق (2017- 2019) ورئيس البنك الدولي السابق (2019- 2023). 

* ديفيد مالباس

back to top