زهران ممداني في مواجهة ترامب
بهذه الكلمات رد زهران ممداني «معمداني» على الرئيس الأميركي بعد فوزه كعمدة لنيويورك: «يا دونالد ترامب، أعرف أنك تشاهد الآن، لدي أربع كلمات لك، ارفع مستوى الصوت.
ستظل نيويورك مدينة للمهاجرين، مدينة بناها المهاجرون، ويديرها المهاجرون، واعتباراً من الليلة يقودها مهاجر، أنا مسلم، أنا اشتراكي ديموقراطي، وأرفض الاعتذار عن هذا».
بهذا الرد القوي وجه كلامه للرئيس ترامب بعد تدخل الأخير في انتخابات عمدة نيويورك وبنفس عنصري، من خلال دعوته لليهود إلى عدم التصويت له «أي يهودي يصوت لشخص يكره اليهود علناً هو غبي»، وتهديده بوقف التمويل الاتحادي عن مدينة نيويورك إذا فاز المرشح الديموقراطي زهران ممداني.
ها قد فاز ممداني، وفاز مرشحو الحزب الديموقراطي في ثلاثة مواقع أخرى بولاية فرجينيا ونيوجيرسي، بينما الرئيس ترامب مازال يكابر ويعزو فشل المرشحين الجمهوريين إلى الإغلاق الحكومي ودور الديموقراطيين في عرقلة وفشل المشروع الذي تقدم به.
ومن الواضح أن الرئيس ترامب لم يتقبل فوز ممداني، وقد يلجأ إلى اتخاذ قرارات تبدو للوهلة الأولى أنها متاحة وفي متناول يده، كتطبيق قوانين صارمة لتنظيم الهجرة، وزيادة الرقابة الفدرالية عليها، والتهديد باعتقاله في حالة إذا قام بإغلاق وكالة الهجرة في المدينة، وكذلك حجب التمويل الحكومي الذي يبلغ 30% من ميزانية مدينة نيويورك، وغيرها من الإجراءات.
في المقابل، ومتى ما فعل الرئيس ترامب تلك الإجراءات فإن نتائج ارتدادها ستكون كارثية على الاقتصاد والسياسة الأميركية برمتها، فلك أن تتخيل ماذا تمثل مدينة نيويورك، وعلى أي عرش تتربع؟ فهي عاصمة الأعمال والمال والعاصمة السياسية للعالم، وفيها يقطن أكثر من ثمانية ملايين نسمة.
المدينة التي يريد ترامب مواجهتها فيها أكبر بورصة بالعالم، القيمة السوقية للشركات المدرجة فيها تتجاوز 28 تريليون دولار، وفيها أكبر البنوك على مستوى العالم، ومركز لمعظم الشركات العالمية، واستثمارات أجنبية بلغت 1.8 تريليون دولار، وعاصمة للإعلام والثقافة، ومحور تجاري عالمي لا تكاد تمر صفقة إلا ولها بصمة فيه، وبنى تحتية لأكبر الموانئ في أميركا، ومطارات دولية رئيسية، فضلاً عن وجود مقر الأمم المتحدة فيها، مما يجعلها منصة للدبلوماسية الدولية ومصنع القرار العالمي.
قد يكون من المبكر التنبؤ بنتيجة الصراع بين عمدة نيويورك ورئيس الولايات المتحدة، لكن من المؤكد خسارة ترامب في المواجهة، ليس لقوة ممداني الشخصية، وإن كان مقاتلاً شرساً ومتحدثاً مفوهاً، لكنها مدينة نيويورك العظيمة، ومن خلفه شباب قرروا الوقوف معه بكل قوة.
لم ينفع ترامب دعوة ناخبي نيويورك إلى عدم التصويت لزهران ممداني، ولا وقوف إيلون ماسك واللوبي الصهيوني، حيث استطاع هذا الشاب ذو الأربعة والثلاثين ربيعاً إسقاط مرشحهم الجمهوري كورتيس سليوا، والفوز عليه بالضربة القاضية.
البداية كانت مع منصب عمدة مدينة نيويورك، والنهايات سيدفع ثمنها الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ، كل هذا بفضل سياسات ترامب على مستوى الداخل والخارج... «مع الرئيس مش هتقدر تغمض عينيك».
ودمتم سالمين