وجهة نظر: المخازن ودورها في الاقتصاد الوطني
في خضم الطفرة الاقتصادية قي السبعينيات، ولتلبية الطلب الكبير على المخازن الذي نتج عن تزايد النشاط الاقتصادي، ومن أجل تنظيم عملية توزيع الأراضي المخصصة للتخزين وتوفيرها، قامت الحكومة بتأسيس شركة «المخازن العمومية» بموجب مرسوم أميري صادر بتاريخ 3 يونيو 1979 كشركة مساهمة تملك فيها الحكومة ومؤسساتها 60% من أسهمها (ممثلة بوزارة المالية 40%، مؤسسة التأمينات الاجتماعية 10%، إدارة شؤون القصر 10%)، أما الحصة المتبقية فطرحت للاكتتاب العام.
ولكي تحقق الشركة أغراضها ولدورها المهم في تلبية احتياجات الأنشطة الاقتصادية المختلفة، خصصت لها الأراضي لإقامة وتطوير منشآتها في إطار من الشفافية وتحت رقابة الدولة.
وبعد نحو عشرين عاماً تقريباً منذ تأسيسها، وفي عام 1997 ضمن برنامج الخصخصة الذي أدارته الهيئة العامة للاستثمار تم بيع جزء من حصة الحكومة في مزاد عام، وتم وطرح بقية الحصة للاكتتاب العام، وشارك فيه آلاف من المواطنين والمواطنات، وما زال كثير منهم محتفظين بأسهمهم، إيماناً منهم بأهمية أعمال الشركة في الاقتصاد الوطني ونموها عبر السنوات منذ التخصيص، ولاسيما أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قد زادت حصتها إلى 15%. علماً بأنه لا يزال ملاك الشركة الأساسيون، الذين كانوا من أوائل المؤمنين ببرنامج الخصخصة وجدوى وأهمية الاستثمار في الكويت، والمواطنون الأفراد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، يمثلون شريحة كبيرة من مساهمي الشركة، مما يعكس ارتباط مصالح المتقاعدين والمواطنين بنمو عمال الشركة ونجاحها.
ولمواكبة نمو أعمالها، قامت الشركة بتغيير هويتها البصرية الى «أجيليتي»، وأصبحت تمثل قصة نجاح كويتية مثل شركات أخرى نجحت بفضل برنامج الخصخصة مثل «زين» وقطاع المصارف. فمنذ خصخصة الشركة في 1979، استطاعت أن تتحول من شركة محلية صغيرة تدير أنشطة التخزين التقليدية محلياً إلى شركة عالمية رائدة في قطاع سلاسل الإمداد وبنيتها التحتية والابتكار والأنشطة الأخرى المتعلقة بها، يعمل فيها 60 ألف شخص في أكثر من 70 دولة، وبلغت إيراداتها 1528 مليون دينار في عام 2024. وتملك شركة مينزيز للطيران أكبر شركة عالمية تخدم 300 مطار في العالم منها مطار هيثرو في لندن ومطار شيكاغو ولوس أنجلس وكولالمبور وإسلام أباد. وتملك أيضاً حوالي 9% من الشركة الدنماركية «دي إس في» ثالث أكبر شركة شحن في العالم، وتملك شركة إجيليتي لوجستيك باركس التي تعمل في 13 دولة منها السعودية الشقيقة والهند وعدد من الدول الإفريقية.
ولقد ساهمت الشركة في جذب الاستثمارات الأجنبية خصوصاً لسوق الكويت للأوراق المالية، حيث تعد أسهم الشركة أحد الأسهم التشغيلية الرئيسة في بورصة الكويت (تبلغ ملكية الأجانب في الشركة حوالي 10%) وضمن الأسهم الأكثر تداولاً من حيث القيمة على مدى السنوات الماضية وما زالت.
ولا تنسى الشركة فضل الكويت عليها وما قدمت لها من دعم خلال مسيرتها ومنطلق مسؤوليتها الوطنية والاجتماعية، فلقد كانت سباقة في وضع كل إمكاناتها تحت تصرف الدولة خلال جائحة «كوفيد 19»، كما تعد اليوم من المساهمين الرئيسيين في دعم مبادرات المسؤولية الاجتماعية والمساهمات الإنسانية محلياً وعالمياً، وتخصص سنوياً جزءاً من إيراداتها لدعم جهود تمكين الشباب الكويتيين في شتى المجالات، وهذه المساهمات مع استثمارات الشركة الخارجية تمثل جزءاً من مقومات القوة الناعمة للكويت دولياً.
ولتعزيز النمو وزيادة وتمكين انتشارها عالمياً، اتخذ مجلس الإدارة في عام 2024 قراراً استثمارياً بحتاً لفصل الأنشطة الخارجية عن تلك المحلية وإنشاء «شركة أجيليتي جلوبل»، مثلما تعمل به كثير من الشركات العالمية من أجل تعظيم القيمة للمساهمين، وتم إدراجها في بورصة أبوظبي. وقرر مجلس الإدارة توزيع أسهمها على المساهمين مع الاحتفاظ ب 25% من الأسهم، مما يجعلها أكبر مساهم في الشركة الجديدة.
ولتأكيد رسالتها وإيمانها بدعم الاقتصاد، أعلنت الشركة في يونيو 2025 استراتيجيتها لاستثمار ما يزيد على 100 مليون دينار محلياً بحلول 2035، لدعم الاقتصاد الوطني والمساهمة في تطوير البنيّة التحتية لتمكين التجارة، بهدف المساهمة في تحقيق رؤية صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وأهداف الدولة الطموحة لجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً.
وبالفعل، تدرس الشركة عدداً من الفرص الاستثمارية المحلية المطروحة والقادمة المبنية، ولديها عدد من المشاريع المبنية على التقنيات الحديثة، وتقوم بتطوير عدد آخر حالياً لأداء رسالتها الوطنية. ولقد أطلقت منذ أيام هوية بصرية جديدة مستوحاة من تاريخها العريق ودورها الوطني، «مخازن»، لتأكيد التزاماتها بدعم الاقتصاد الوطني، ومنها تمكين التجارة.
إن «مخازن» شركة كويتية رائدة ذات حضور عالمي، ولديها خبرة عريقة متميزة في مجال التخزين وسلاسل الإمداد، وهي مكون رئيس في البنية التحتية الاقتصادية اللازمة لتحسين بيئة الأعمال والازدهار الاقتصادي ودعم مؤشرات التنمية. ويؤمن مجلس الإدارة بأن «مخازن» شركة كويتية وطنية، والكويت تزخر بكثير من الفرص الاقتصادية الواعدة، وستعمل جاهدة للتنافس عليها لتعظيم القيمة للمساهمين والمساهمة في ازدهار الكويت.
* عضو مجلس إدارة مستقل