النظر في إعادة كتابة التاريخ!
دائماً ما تتردَّد المطالبة والرغبة حول «إعادة كتابة التاريخ»، وذلك لُوحظ على كل الصعد والمجالات تقريباً، إلا ما ندر. لماذا نُودي بهذه المطالبات؟ من خلال هذا التوجه، باعتقادي، يعود ذلك إلى سببين رئيسيين، هما: الأول: أن في زماننا هذا أصبحت هناك تغيُّرات، مما أثر على الرغبة البشرية في البحث والمطابقة لتفعيل سنة الاقتداء، من خلال رجوعنا للتاريخ. فإن وافق شيء منها اطمأن الإنسان، وعرف أنه ليس هو الوحيد المقصود، بل هذه من سُنن البشر، وسُنن مَنْ كان قبله من سلف، وإن لم يوافق كان علاجه الصبر.
الثاني: النظر من زاوية معاكسة، من خلال قراءة المصادر التاريخية في ذاتها. فنجد أنها مصادر منتهية الصلاحية، وذلك يعود لأسباب، منها أنها كتبت معاصرة في زمن معيَّن، فتبيَّن بعد ذلك أنه من أسوأ الأزمنة، فركز كعادة المؤرخين إلى تأريخ الملوك والحروب والانتصارات، متناسياً المهمَّشين في التاريخ من العلماء والفقراء والمرأة وغيرها. وهي مسألة الانحياز السياسي، وتهميش الأدوار الأخرى. ثم الأهم من ذلك، يظل المرجع التاريخي منتهي الصلاحية، مما يدعونا إلى أسباب إعادة كتابة التاريخ من جديد، وهي: في حالة اكتشاف مصادر جديدة، مما يدعونا إلى المثول لدراستها، فننظر في إعادة كتابة التاريخ، والثاني هو اكتشاف أدوات بحث جديدة، مثل دخول المعامل الكيميائية، للاستفادة منها في دراسة العينات، والخروج بمعلومات تاريخية جديدة. وأخيراً، تغيير معتقدات وفلسفات المجتمع، والتي حتماً تقوم بتغيير المادة والفكر التاريخي. فكثير من المصادر التاريخية كتبت لوجود نظرة معينة، وبعد مرور السنوات عليها أصبحت من الملاحم في أدبيات هذا العصر.