بدون مجاملة: صاحب الحاجة...

نشر في 07-11-2025
آخر تحديث 06-11-2025 | 18:30
 سارة صالح الراشد

«صاحب الحاجة أرعن»، قولٌ عربي يختصر وضعاً ويُفسِّر سلوكاً، سمعته للمرة الأولى في عامي الجامعي الأول على لسان أستاذي الفاضل د. حمود القشعان، توعيةً بأحوال الناس، ومراعاةً لصعوبة مواقفهم تحت الضغوط.

صاحب الحاجة لديه أمر ينتظر التنفيذ، مطلب يبحث عمَّن يُلبيه، رغبة تواقة، سؤال يبحث عن إجابة. 

صاحب الحاجة يكون في حالةٍ متوترة قلقة، لأنه يريد قضاء هذه الحاجة، وأجده ينطبق على ذاك المنزعج الذي يدور في ذهنه موقف يُثير استياءه أو مشاعر ألم، فيظل يُكرِّر ويسرد نفس الموضوع، علَّه يتخلَّص من أذاه تدريجياً. فهو يحتاج إلى التجاوز والتعافي ليتحرَّر من الأذى النفسي، ويمضي قُدماً.

وأرى أن صاحب الحاجة أيضاً ذاته صاحب حلم أو طموح وتطلع، يريد بلوغ مُراده، فتجده يدور في نفس المواقع والمحاور.

الحاجة رفيقة النفس البشرية يستحيل أن تنفصل عنها أو تستغني. حاجات الناس تختلف، والحاجة طبيعة وفطرة، وهي ليست عيباً أو أمراً مستقبحاً، إلا أن طُرق سدها قد تكون كذلك! لذا يلزم أن يكون للإنسان طرف داعم جدير بالثقة، يُعينه على نوائب الأيام وعلى نفسه، ويصدقه في النصح والتوجيه، ويكرمه بالعطاء وطيب الوصل. كما يجب على الإنسان أن يحكِّم ضميره، فلا يبطش، ولا يتعدَّى على الناس لأنه محتاج، لعدم نيل غايته ومطلبه! والنهج السليم أن يكون عنده التسليم لرحمة الله وحكمته في كل الأمور. توقع الخير، والتصديق بالخيرة، حتى تهدأ النفس وتطمئن وتصل إلى السكينة. ولا ننسى الإيمان بالاستشارة المهنية النافعة من جهة معتمدة واستشاري نبيه مؤتمن.

صاحب الحاجة عندما لا يرى الموضوع إلا من زاويته يكون مندفعاً أهوج. ألا ليت صاحب الحاجة يتمهَّل، فيواجه حاجته، ويُدرك أبعادها، ويستثمر إمكانياته، حتى يتحرَّك بشكلٍ متزن، ويتصرَّف بأسلوبٍ لائق، فيتعلَّم وينضج ويتأدب مع الآخرين، ويتحمَّل مسؤولية توجيه حياته ونيل رغباته. كونٌ واسع بما فيه مُسخَّر له، ورب كريم على كل شيءٍ قدير.

قال عليه الصلاة والسلام: «لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب».

back to top