«حزب الله» يتعنت وإسرائيل تصعّد بأوامر إخلاء وغارات

الحزب يرفض أي تفاوض سياسي مع تل أبيب ويجدد التمسك بسلاحه

نشر في 07-11-2025
آخر تحديث 06-11-2025 | 20:27
موقع في جنوب لبنان تعرض لغارة إسرائيلية أمس (أ ف ب)
موقع في جنوب لبنان تعرض لغارة إسرائيلية أمس (أ ف ب)

صعّدت إسرائيل عدوانها المتواصل في جنوب لبنان، وشنت سلسلة غارات عنيفة ضد ما قالت إنها بنى تحتية تابعة ل «حزب الله»، بعد أن أصدرت للمرة الثانية منذ سريان الهدنة في نوفمبر 2024، أوامر إخلاء لمبانٍ في عدة قرى بجنوب لبنان. 

تزامن التصعيد الإسرائيلي مع مواقف تصعيدية للحزب، تمسك فيها بسلاحه، وعبّر فيها عن رفضه التفاوض السياسي مع تل أبيب، وهو ما تضغط واشنطن من أجله، للتوصل إلى ترتيبات أمنية وسياسية تفضي إلى تثبيت وقف النار في جنوب لبنان وانسحاب إسرائيل من 5 نقاط لبنانية لا تزال تحتلها. 

جاء ذلك غداة اجتماع للحكومة الإسرائيلية ناقش مساعي حزب الله لإعادة ترميم قدراته العسكرية، وبالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني بحث فيها التقرير الشهري الثاني للجيش اللبناني حول خطته لحصر السلاح بيد الدولة. 

وتأتي هذه الجولة التصعيدية رغم إبداء الدولة اللبنانية استعدادها للتفاوض مع تل أبيب من أجل وقف الضربات والانسحاب من الجنوب. 

في هذا السياق، أكدت مصادر لبنانية ل «الجريدة» أنه في إطار بحث إمكانية تعيين شخصية مدنية لتولي المفاوضات مع إسرائيل وقع الاختيار على بول سالم، وهو أكاديمي مرموق يشغل حالياً منصب رئيس معهد الشرق الأوسط ومديره التنفيذي، ويحمل الجنسية الأميركية، وقد طرح سابقاً كمرشح محتمل لوزارة الخارجية اللبنانية في حكومة الرئيس نواف سلام. 

وسالم هو نجل وزير الخارجية اللبناني الأسبق إيلي سالم، الذي كان وزيراً للخارجية عندما توصل لبنان إلى اتفاق 17 أيار (مايو) مع إسرائيل عام 1983.

وفي تفاصيل الخبر:

في خطوة هي الأولى بهذا الحجم منذ سريان الهدنة في نوفمبر 2024، أصدر الجيش الإسرائيلي، أمس، أوامر إخلاء لسكان مبانٍ في عدة قرى بجنوب لبنان، قال إنها بجوار مواقع ل «حزب الله» قبل أن يشن سلسلة غارات على تلك المواقع، وذلك بعد تصعيد الحزب مواقفه السياسية، وإعلان رفضه أن «يُستدرج لبنان الى تفاوض سياسي مع إسرائيل»، مجددا التمسك بسلاحه.

وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، إن الجيش سيهاجم «على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي في أنحاء جنوب لبنان، وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها الحزب لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة». 

وأكد أدرعي أنه «خلافا لبعض الإشاعات المتداولة أننا نحث فقط سكان المباني المحددة في الخرائط وتلك المجاورة لها بضرورة إخلائها”، نافياً إشاعات عن إصداره أوامر إخلاء لسكان قرى بأكملها.

وجاء التصعيد، غداة اجتماع الحكومة الإسرائيلية لمناقشة مساعي «حزب الله» لترميم قدراته العسكرية، وبالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي بحثت التقرير الشهري الثاني للجيش اللبناني حول خطته لحصر السلاح بيد الدولة. 

كما جاء وسط استمرار التهديدات الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة التي تصل الى بيروت عبر الموفدين الدوليين.

 وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، نقلا عن مسؤولين، بأنّ «​الجيش الإسرائيلي​ يستعد لاحتمال خوض جولة قتال جديدة ضد ​حزب الله​ قريبًا»، موضحة أنّه «يوجد خطط قائمة». وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد الماضي من أن الجيش الإسرائيلي قد يكثّف هجماته ضد الحزب.

وفي موقف يشكل إحراجاً لرئيس الجمهورية الذي صرح قبل أيام بأنه ليس أمام لبنان سوى التفاوض، رفض الحزب في رسالة مفتوحة وجهها الى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري وإلى الشعب اللبناني، أي تفاوض سياسي مع تل ابيب، مشددا على أن إسرائيل لا تلتزم بوقف إطلاق النار، وأن «لبنان معني راهنا بوقف العدوان (...)، وليس معنيا على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدراج نحو تفاوض سياسي مع العدو الصهيوني على الإطلاق».

وخرج «حزب الله» في نوفمبر 2024 منهكا من حرب مدمّرة مع إسرائيل استمرّت سنة واندلعت بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل اليه بوساطة أميركية على وقف العمليات العسكرية وانسحاب «حزب الله» من جنوب نهر الليطاني (على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من الحدود) وتفكيك بنيته العسكرية وأسلحته. 

وفي الخامس من أغسطس، قرّرت الحكومة اللبنانية نزع سلاح «حزب الله»، ووضع الجيش اللبناني خطة للقيام بذلك. 

وفي تراجع عن التزاماته السابقة، اعتبر الحزب أن «موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي وإنما يناقش في إطار وطني يتم التوافق فيه على استراتيجية شاملة للأمن والدفاع وحماية السيادة الوطنية». 

ترجيحات بتعيين الأكاديمي اللبناني - الأميركي المرموق بول سالم مفاوضاً مدنياً مع تل أبيب

وجدّد الحزب رفض نزع سلاحه، ووصف قرار الحكومة حول هذا الموضوع ب «المتسرّع». 

وأضاف أن «العدو استثمر هذه الخطيئة الحكومية ليفرض موضوع نزع سلاح المقاومة من كل لبنان كشرط لوقف الأعمال العدائية، وهو ما (...) لا يمكن قبوله ولا فرضه».

وفي مؤشر الى أن الحزب نسق بيانه مع شريكه في الثنائي الشيعي نبيه بري الذي يتزعم حركة أمل، أشار الحزب الى أنّه «بصفتنا مكونا مؤسسا للبنان​ (اي الطائفة الشيعية) الذي التزمناه وطنا نهائيا لجميع أبنائه، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة ‏بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا ‏في الدفاع ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته، بل يريد إخضاع دولتنا».

في المقابل، اعتبر خبراء ومراقبون أن بيان «حزب الله» جاء مشابها لبيان أصدره مع حركة امل في اكتوبر 2020 رفض فيه التفاوض مع اسرائيل لترسيم الحدود البحرية، لكن المفاوضات استمرت وتوصلت الى نتيجة، واليوم الموقف في لبنان هو لاعتماد مفاوضات تقنية عسكرية مشابهة للتفاوض حول الحدود البحرية. 

وبحسب المعلومات، فإن لبنان ينتظر جواباً من الأميركيين حول مسار التفاوض ومدى قبول الإسرائيليين بذلك لتجنب أي تصعيد عسكري في المرحلة المقبلة، ويشدد لبنان على أنه يعمل على حصر السلاح بيد الدولة وفق خطة الجيش، وقد أكد قائد الجيش في مجلس الوزراء أنه تمكن من العمل على تفكيك حوالي 90 بالمئة من المواقع والمخازن العسكرية في الجنوب، وأنه سيواصل العمل للانتهاء من منطقة جنوب الليطاني من الآن وحتى نهاية السنة، وبحسب المعلومات فإن الإسرائيليين يطلبون العمل على تفكيك الأسلحة ومداهمة مواقع في مناطق سكنية وفي منشآت مدنية.

تزامنت هذه التطورات رغم إبداء الدولة اللبنانية استعدادها للتفاوض مع تل أبيب في سبيل وقف الضربات والانسحاب من الجنوب. وفي هذا السياق، أكدت مصادر لبنانية ل «الجريدة» البحث في إمكانية تعيين شخصية مدنية لتولي المفاوضات مع إسرائيل وقد وقع الاختيار على بول سالم، وهو أكاديمي مرموق يشغل حالياً منصب رئيس معهد الشرق الأوسط ومديره التنفيذي، ويحمل الجنسية الأميركية، وقد طرح سابقاً كمرشح محتمل لوزارة الخارجية اللبنانية في حكومة الرئيس نواف سلام.  

وسالم هو نجل وزير الخارجية اللبناني الأسبق إيلي سالم، الذي كان وزيراً للخارجية عندما توصل لبنان إلى اتفاق 17 أيار (مايو) مع إسرائيل عام 1983.

back to top