«اغتراب» تتمحور حول التوازن الذاتي
ضمن عروض مهرجان «باك ستيج جروب» في دورته الثانية على مسرح المهن الطبية
تتواصل فعاليات مهرجان «باك ستيج جروب» في دورته الثانية على مسرح المهن الطبية، حيث عرضت مسرحية «اغتراب»، التي تنتمي إلى فئة العرض التراجيدي، وهي من إنتاج شركة والنت.
المسرحية تأليف بشاير، وإخراج فهد العثمان، وشارك فيها: محمد عبدالرزاق، وسعد عوض، وجراح الدوب، ومبارك الراجحي، وعبدالعزيز العنزي، وحمد الفيلكاوي.
تتعمَّق «اغتراب» في جوهر الإنسان وصراعاته الداخلية، إذ لا يقدِّم العرض مجرَّد حكاية تُروى على الخشبة، بل يشكِّل رحلة نفسية وبصرية تسبر أغوار الذات البشرية، وتكشف أصداءها المتداخلة عبر مجموعة من الشخصيات ذات الطبقات النفسية المتعددة.
المسرحية تألقت بعناصر السينوغرافيا في تشكيل فضاء العرض
فالمسرحية تمثل تجربة ذاتية وشخصية بامتياز، تنبض برؤية ودلالات المخرج العثمان. وتدور أحداثها حول أربعة عمَّال يعيشون في مكانٍ مغلق منذ سنوات طويلة، منقطعين عن العالم الخارجي، ومن دون أن يتنفسوا الهواء الخارجي. وسبب معاناتهم يكمن في غياب الجرأة على المواجهة، إذ لا يملك أي منهم الشجاعة للذهاب إلى الشخص المسؤول والتعبير عن شعورهم بالتعب والضيق، فيكتفي كل واحد منهم بالتذمر في موقعه دون اتخاذ أي خطوة فعلية، ويمثل كل منهم إحساساً مختلفاً. وقد ظهر التناغم الجماعي بين شخصيات العمل واضحاً، فكانت الحركة متقنة، والنبرة الصوتية محسوبة، والتواصل بين الأجساد على الخشبة جزءاً من لغة العمل، لا تكلف فيها ولا افتعال. ومع استمرار الأحداث، وعندما يستوعب العُمَّال في النهاية أنه يتعيَّن عليهم اتخاذ خطوة حقيقية للخروج من دائرة الصمت والتذمر، تنبع من داخلهم مشاعر قناعة عميقة بأنهم اكتفوا، ومن هنا تبدأ رحلة التغيُّر والخروج إلى العالم الخارجي.
وقد تألقت المسرحية بعناصر السينوغرافيا في تشكيل فضاء العرض، وصمَّم الديكور بعناية طلال الفريدي، فيما جاء ماكياج الشخصيات بإشراف فاطمة النصار، واكتملت الصورة بلمسات الأزياء التي وقَّعتها زينة اليوسفي.
وتسعى المسرحية إلى إيصال رسالة إنسانية إلى الجمهور تتمحور حول الانسجام الداخلي والتوازن الذاتي، بوصفهما جوهر العلاقة بين الإنسان وذاته. فهي تدعو إلى الإصغاء للصوت الداخلي، والتمييز بين ما يُحبه القلب وما يختاره العقل. كما تطرح المسرحية فكرة أن الإنسان الحقيقي هو مَنْ يسير في خطٍ متوازٍ مع ذاته، متصالحاً معها في جميع مراحل حياته، فيكون أول مَنْ يُعاتب نفسه، وأول مَنْ يُهنئها، ويعيش في حالة سلامٍ دائم مع ذاته، لأن هذا التصالح هو الخطوة الأولى نحو فهم الآخرين والعالم من حوله.