رياح وأوتاد: كيف نتعامل مع الاستياء والتذمر؟
لما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم العطايا العظيمة من الفيء لقريش بعد الفتح ولم يكن منها للأنصار شيء، وجد الأنصار في أنفسهم (أي تأثروا) حتى كثرت فيهم القالة، فقال بعضهم لبعض: «لقي النبي قومه»، و«يعطي قريشاً ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمهم»، وعندما استدعى النبي سعد بن عبادة أكد له ما يقوله الأنصار، وأردف قائلاً: «ما أنا إلا امرؤ من قومي»، فقال له النبي: «اجمع لي قومك»، فاجتمع بهم النبي، وقال لهم: «يا معشر الأنصار بلغني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم»، ثم ذكّرهم بفضلهم ومنزلتهم، وكيف أتاهم النبي مكذوباً، فصدّقوه ومخذولاً فنصروه، وكيف آووه وواسوه، فارتفع صوت الأنصار بالبكاء، وهم يقولون: «المنّة لله ورسوله»، ثم بين لهم أنه أعطى قريشاً ليتألف قلوبهم للإسلام، وقال: «أما ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله في رحالكم»، ففرحوا وفهموا أنه لن يتركهم ويرحل إلى مكة، ثم قال: «أجل، المحيا محياكم والممات مماتكم، أنتم الشعار والناس دثار»، ثم بسط يده، وقال: «اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار».
هذا الحديث فيه فوائد عظيمة لنا جميعاً، منها أن التبرم واستياء مجموعة من الناس من القرارات المالية أو الاجتماعية أو السياسية يحدث في أي دولة في العالم، وحدث في دولة النبي المعصوم، ومنها أن النبي شرح للأنصار سبب اتخاذ قراره، وذكّرهم بفضلهم وطيّب خاطرهم ودعا لهم. هكذا كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم القائد والمربي، فيها دروس عظيمة في زماننا، فعلى المسؤولين في الحكومة أن يلتقوا أصحاب الرأي الآخر، ويستمعوا لهم ويحاوروهم، ويأخذوا برأيهم إذا كان فيه الأفضل والأوفق مع الشريعة والمصلحة العامة.
***
وافقت لجنة الأمن القومي في الكنيست الصهيوني على مشروع قانون يلزم بإعدام الأسرى الفلسطينيين باعتبارهم إرهابيين وأحالته إلى الكنيست للتصديق عليه، هذا الخبر الذي نشرته «الجريدة» قبل يومين يؤكد أن الصهاينة سيبتكرون ذريعة تلو الأخرى لتبرير جرائمهم التي لا تقبل ذريعتَها أيُّ شريعة، لذلك يجب فضح جرائمهم واعتدائهم وتجاوزهم على القوانين الدولية.