ممثل الأمير: تجاوز التحديات بالشراكة الدولية
• العبدالله أكد في قمة التنمية بقطر أن تجربة الكويت الإنسانية نموذج حضاري وعقد متجدد
• البشرية تشهد تحولات كبرى وسط اضطراب عميق في موازين الاستقرار
• التنمية مسؤولية يتقاسمها الجميع من أجل بناء عالم أكثر عدلاً واستقراراً
• الكويت تسعى إلى بناء مجتمع قادر على تجاوز الأزمات والتكيف مع التحولات
• متمسكون بميثاق الأمم المتحدة وأهدافها لتجنيب الأجيال القادمة تبعات الحروب
• العمل على تلافي النزاعات وتحسين حياة الإنسان وتحقيق أهداف التنمية المستدامة
• المخاطر المهددة للبشرية تتطلب تعاوناً دولياً وحلولاً مبتكرة للقضاء عليها
أكد ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله، في كلمة الكويت أمام القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي افتتحت أمس في قطر، أهمية تعزيز الجهود الدولية والشراكة المسؤولة الرامية إلى التصدي للتحديات العالمية المعاصرة لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في كل المجتمعات.
وأشار العبدالله الى أن القمة تنعقد «في منعطف حاسم من مسيرة الإنسانية، ولحظة فارقة تشهد فيها البشرية تحولات كبرى وسط اضطراب عميق في موازين الاستقرار، تمزّقه الحروب والنزاعات وتنهكه الأزمات الاقتصادية، فيما تعيد تشكيل ملامحه تحولات ديموغرافية وتطورات تكنولوجية غيّرت شكل الحياة ومفهوم العمل وتعيد تعريف العلاقة بين الإنسان ومستقبله».
وأضاف أنه «في خضم هذه التحولات، تبرز حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن التحديات العالمية المعاصرة تفوق قدرة أي دولة على التصدي لها بمفردها، ولا سبيل لتجاوزها إلا عبر تعاون دولي وشراكة مسؤولة، توحد الجهود وتجدد الثقة في العمل الدولي المتعدد الأطراف، في سبيل الحفاظ على إنسانية التنمية في عالم سريع التغيّر».
ولفت الى أن القمة «تجدد الالتزام العالمي بجوهر إعلان كوبنهاغن للتنمية الاجتماعية وبرنامج عملها الصادر عام 1995، ذلك الإعلان الذي أرسى أساسا راسخا للتنمية الاجتماعية، ومهّد الطريق أمام إعلان الأمم المتحدة للألفية وأجندة التنمية المستدامة لعام 2030، وميثاق المستقبل الذي يجسّد إرادة أممية متجددة تؤكد وحدة المصير الإنساني في مواجهة تحديات العصر. ولا سيما من خلال التزامنا الجماعي بالأولويات العالمية المتمثلة في القضاء على الفقر، وضمان العمل المنتج واللائق للجميع، وتعزيز الاندماج الاجتماعي والحد من أوجه عدم المساواة، لإرساء دعائم مجتمعات آمنة ومستقرة يكون الإنسان فيها الغاية والمحور، وتقوم التنمية على مقاصد صون كرامته وتمكينه من حقوقه، وتوسيع آفاق اختياراته في تحسين جودة حياته بوصفها الغاية الأسمى لكل جهد إنساني».
وإذ اشار الى أن القمة الأولى في كوبنهاغن حققت إنجازات بارزة، اعتبر أن «هذا التقدم على أهميته ظل غير متكافئ، فلا تزال هوة العدالة تتسع بين شعوب تنعم بالنمو وأخرى تكافح من أجل البقاء، كما تستمر الفجوات الرقمية في تقسيم العالم بين من يملك أدوات المعرفة ومن يتخلف عن ركْب الاقتصاد المعرفي وأسواقه. وإلى جانب ذلك، تعصف الأزمات السياسية والمناخية بما تحقق من مكاسب دولية مضنية، لتذكرنا بأن التنمية العادلة لا تُبنى إلا على إرادة دولية ورؤية تتجاوز حدود السياسة إلى آفاق الإنسانية، ولتؤكد أن التنمية ليست مكسبا عابرا تبدده الأزمات، بل مسؤولية مستمرة يتقاسمها الجميع من أجل بناء عالم أكثر عدلا واستقرارا».
وذكر العبدالله أن «تجربة دولة الكويت في ترسيخ إنسانية الإنسان شكلت نموذجا حضاريا تجاوز حدود المبادرات، لتصبح عقدا اجتماعيا متجددا صاغته التشريعات على قاعدة راسخة من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. فأحاطت الدولة الإنسان الكويتي برعاية تعليمية وصحية وسكنية شاملة، وبفرص عمل تضمن له حياة كريمة وآمنة، ليكون محورا للتنمية وشريكا في صناعتها»، مضيفاً: «هي تجربة تجسد التزاما راسخا بمضامين ومتطلبات أجندة التنمية المستدامة 2030، إذ تسعى دولة الكويت من خلالها إلى بناء مجتمع قادر على العطاء والنماء، وتجاوز الأزمات والتكيّف مع التحولات، والانسجام مع المتغيرات في عالم سريع التطور».
وأكد أنه «لا تزال ريادة دولة الكويت العالمية في المجالين الإنساني والتنموي إرثا راسخا ونهجا ثابتا في العطاء، وشراكة موثوقة في صياغة مستقبل يقوم على التضامن والمسؤولية المشتركة، وتواصل دولة الكويت أداء دورها الرائد في مساندة الدول على تجاوز التحديات الإنسانية والتنموية من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الذي ساهم منذ تأسيسه عام 1961 بتمويل مشاريع إنمائية في 107 دول حول العالم بإجمالي يقدر بتسعة مليارات وتسعمئة وواحد وثلاثين مليون دينار، مجسدا رسالة الكويت الإنسانية ودورها الداعم للتنمية والسلام».
وفي إعلانها الختامي، دعت القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، الى «ضرورة التصدي العاجل للتحديات العميقة الجذور، مثل الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي وعدم المساواة، التي لا تزال قائمة رغم التقدم العالمي في مجالات الثروة والصحة والتعليم»، مجددة الالتزام بمبادئ إعلان كوبنهاغن الصادر عن القمة الأولى التي عقدت عام 1995، مع مواءمتها مع تحديات اليوم وطموحات خطة عام 2030 للتنمية المستدامة.
ودعا «إعلان الدوحة السياسي» إلى اتباع نهج للتنمية الاجتماعية يكون محوره الإنسان، قائما على الحقوق وشاملا، مع الاعتراف بالترابط بين السلام والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
ويبرز الإعلان 3 أولويات مترابطة بهدف القضاء على الفقر، والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع، والاندماج الاجتماعي، باعتبارها ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة. ويؤكد القادة أن العدالة الاجتماعية والتنمية لا ينفصلان عن السلام والأمن واحترام حقوق الإنسان.
وفي كلمته بافتتاح القمة، دعا أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، الذي انتخب خلال الحدث رئيسا للقمة، المجتمع الدولي الى «مضاعفة الجهود وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني لإعادة الإعمار وتأمين الاحتياجات»، مشدداً على أن «الشعب الفلسطيني يحتاج إلى كل دعم ممكن لمعالجة الآثار الكارثية التي خلّفها العدوان الإسرائيلي».
وقال الشيخ تميم إنه «آن الأوان لوقف الحرب في السودان والتوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه»، معربا عن «صدمته من هول الفظائع التي ارتُكبت في مدينة الفاشر» وإدانته القاطعة لها. وأكد أنه «لا يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية في المجتمعات دون السلام والاستقرار».
من جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمزيد من الالتزام من جانب المجتمع الدولي في مكافحة الفقر والتفاوت الاجتماعي، مشيرا الى أن العالم بعيش «درجة كبيرة من عدم اليقين، والانقسامات، والنزاعات، والمعاناة الإنسانية على نطاق واسع».
ويشارك في القمة التي تُختتم غدا الخميس نحو 14 ألف شخص لمناقشة سبل الحد من الفقر والفوارق الاجتماعية، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتوسيع فرص الوصول إلى وظائف ذات أجر جيّد على مستوى العالم.