رياح وأوتاد: جموع من المواطنين تنتظر هذه الأحكام القضائية

نشر في 02-11-2025
آخر تحديث 01-11-2025 | 19:24
 أحمد يعقوب باقر

في حكم بارز، قضت محكمة التمييز الإدارية الأسبوع الماضي بعدم جواز قيام هيئة الإدارة بالمساس بالحقوق المالية السابقة لإحدى الموظفات، وأن أحكام القوانين وما في حكمها من القرارات الإدارية لا تسري إلّا منذ تاريخ العمل بها، وحسب ما نقلته «الجريدة»، فإن المساس بالمراكز القانونية والحقوق المكتسبة لا يكون إلّا بقانون.

وهذا الحكم وإن كان بشأن قضية محددة، إلّا أنه ذكّرني بالعديد من المناقشات حول قضايا أخرى معروضة الآن على المحاكم المختصة.

من المعروف دستورياً أن الرجعية في قوانين الجزاء غير جائزة دستورياً حسب المادة 179، وهذا الحكم من الأحكام المستقرة شرعاً، فلا تجوز معاقبة مَن ارتكب فعلاً محرّماً قبل تحريمه، فمثلاً لم يؤاخذ النبي، صلى الله عليه وسلم، من شرب الخمر أو سكر قبل تحريمها.

ومن المعروف أيضاً أنه لا يمكن اللجوء إلى القضاء في قضايا سحب أو منح الجنسية، لأن محكمة توحيد المبادئ أكدت أن القانون نص على عدم جواز نظرها، ولكن إذا تم تعديل القانون والسماح بالطعن في قرارات منح الجنسية أو سحبها، فإنه يجوز اللجوء إلى القضاء حينها، فليس المنع هنا منعاً دستورياً.

لكن الجدل القائم حالياً يدور حول قيام الحكومة بوقف وإلغاء المعاشات الاستثنائية لبعض الفئات، وكذلك تخفيض بعض الكوادر المالية لفئات وظيفية معيّنة، وأيضاً إلغاء بعض البدلات لفئات وظيفية أخرى، وكل ذلك بقرارات إدارية، مما أدى إلى لجوء أصحابها إلى القضاء.

ويرى الذين لجأوا إلى القضاء أن قراراتهم السابقة قد صدرت وفقاً للمادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية أو لقرارات إدارية سليمة قانونياً، وأنها صدرت من جهة إدارية مختصة، أي أنها خالية من العيوب القانونية، وقد ترتبت أمورهم المالية على أساسها وأصبحت حقاً قانونياً مكتسباً، وأن إلغاءها أدى إلى اضطراب مالي واجتماعي بهم، بينما يرى مَن يؤيد إلغاءها أن هذه القرارات صدرت بسوء استخدام من سلطات سابقة، وقد أخلّت بالمساواة بين الموظفين والمواطنين، وغير ذلك من الأسباب.

وأيضاً دفع مَن يعارض إلغاءها بأن الإلغاء يعارض الأمن القانوني الذي يحمي المواطن من أي إجراء يصادم توقّعه المشروع الذي بُني على أساس قانوني سليم، سواء صدر الإلغاء بقانون أو بقرار إداري.

لذلك، فإن كثيراً من المواطنين ينتظرون الآن المبادئ القانونية التي ستحكم في هذه القضايا الحساسة التي ستطبّق على أعداد كبيرة منهم.

فهل سيحكم القضاء بأنه يجوز إلغاء هذه الامتيازات بأثر رجعي؟، أم أنه سيحكم بنفاذ القرارات بشكل فوري دون رجعية؟ أم سيحكم بأن القرارات صدرت بشكل قانوني سليم وترتبت عليها حقوق مكتسبة ولا يجوز إلغاؤها بشكل فوري ولا رجعي؟ وهل حقاً يجوز المساس بهذه الحقوق بقانون وليس بقرار مجلس الوزراء؟

أعتقد أن جموعاً كبيرة من المواطنين تنتظر الأحكام القضائية النهائية والباتة التي ستحسم هذه الأسئلة المتعلقة بحياتهم وأسرهم... والله الموفق.

back to top