بالقلم الأحمر: الترجمة... والموروث الكويتي

نشر في 02-11-2025
آخر تحديث 01-11-2025 | 18:22
 الجازي طارق السنافي

سعدتُ بتلبية دعوةٍ كريمة من الدكتورة العزيزة أسماء الدحيم لحضور المؤتمر السنوي للترجمة، الذي أقامته جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا لطلبة قسم اللغة الإنكليزية، حيث قدَّم الطلبة- من قسمَي الآداب والترجمة- مشاريع مُبهرة تجمع بين الإبداع والمعرفة بثقافتنا المحلية والعالمية. 

لقد عبَّرت مشاركاتهم عن وعي هذا الجيل بأهمية الترجمة، كجسر للتواصل الثقافي، وأداة لنقل الإرث الكويتي إلى العالم بأسلوب يُبقي على المعنى والهوية.

أكثر ما أثار إعجابي، هو اهتمام الطلبة بترجمة أعمال كويتية أصيلة- تاريخية، وأدبية، وثقافية- وهي تُعد من الموروث الكويتي الفني والأدبي، منها قصائد الشاعر فهد العسكر وبعض الكُتب التي تناولت قِصة حياته، وقد أطلقوا عليه لقب «شاعر الأحمدي المنسي»، ويعنون بين أوساط الجيل الجديد، ومشاريع أخرى أبهرتني، كمسرحية «ضاع الديك»، التي عرفتُ منهم أنها أول مسرحية كويتية تُترجم إلى الإنكليزية عام 1971. كما تناولوا ترجمة مصطلحات كويتية قديمة تُستخدم في شهر رمضان، مثل: «الغبقة»، و«أبوطبيلة»، و«ليلة القدر»- التي أثارت نقاشاً جميلاً بين الطلبة وبيني، وكذلك ترجمة أعمال الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، مثل مسلسل «درب الزلق»، حيث تعمَّقوا في كيفية ترجمة تعبيرات راجت في مشاهد المسلسل، مثل «ادهن سيره»، والتي تُعد نوعاً من أنواع الرشوة، وأخرى تناولت جانب عادات وتقاليد العُرس الكويتي ومصطلحات، مثل: «الدزة»، و«البخور»، وحتى ترجمة أغنية «هبّ السعد»، مع مناقشةٍ ثرية لمفاهيم التدجين والتغريب ونظريات الترجمة المختلفة، وحتى كيفية ترجمة تلك المصطلحات في برامج البودكاست المختلفة.

ما شدَّني حقاً، هو وعي هؤلاء الشباب، ورغبتهم الصادقة في فهم تراثهم قبل نقله، إذ لم يكتفوا بالترجمة اللغوية، بل سعوا إلى شرح البُعد الثقافي والاجتماعي لكل مفردة. لقد تعلَّمت منهم الكثير، وأيقنت- حقيقة- أن الإبداع المعرفي لا عُمر له.

كان الملتقى تجربةً ثرية، أكدت أن في الكويت جيلاً مثابراً، مطلعاً، ومؤمناً بدوره في الحفاظ على الهوية الثقافية والموروث الكويتي، ونقله إلى العالم بأبهى صورة.

بالقلم الأحمر: كُنت طالبة في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، صادفت بعض الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم، واستذكرنا لحظات الدراسة الجميلة، بعد مرور 15 عاماً على التخرُّج مازلت أسكن في ذاكرتهم كطالبة متفوقة، حيث استذكرنا بعض المواقف الطريفة وذكريات الدراسة. وهذا الملتقى أسعدني بكل المقاييس.

back to top