الأزمة بين المطلاع والصابرية

نشر في 31-10-2025
آخر تحديث 30-10-2025 | 18:37
 عبدالهادي السنافي

تعتبر مدينة المطلاع السكنية أكبر مشروع إسكاني في البلاد، حيث توفر أكثر من 28.000 قسيمة سكنية. ومع ذلك، فإن الزيارات الميدانية والشكاوى المتكررة من السكان تكشف عن إهمال واضح في الخدمات الحيوية. على سبيل المثال، يعاني السكان من نقص في لوحات المرور الإرشادية والإضاءة في بعض الشوارع، مما يزيد من مخاطر الحوادث خاصة في الليل. كما أن مشكلة عدم وصول المياه العذبة لا تزال قائمة، حيث يعتمد أصحاب المنازل على «التنكرات» للتزود بالمياه، رغم مرور سنوات على بدء التوزيع. 

بالإضافة إلى ذلك، تفتقر المدينة إلى عدد كافٍ من الجمعيات التعاونية، أما في مجال التعليم فإن التكدس في فصول المدارس يصل إلى مستويات غير مقبولة، مما يؤثر سلباً على جودة التعليم ويجعل المدينة «طاردة» للعائلات التي تبحث عن حياة مستقرة ونموذجية لأبنائها على الرغم من بعض الإنجازات، مثل الانتهاء من شبكات الكهرباء وافتتاح بعض المراكز الصحية، إلا أن انتشار النفايات وعدم تشغيل إشارات المرور يستمران في إثارة الاستياء بين الأهالي. هذه المشاكل تجعل المطلاع مثالاً حياً على كيفية تحول مشروع إسكاني طموح إلى عبء على السكان بسبب التخطيط غير الكافي والتنفيذ البطيء. 

أما الصابرية، التي توفر 55000 وحدة، فقد شهدت تحولاً دراماتيكياً في خطط تنفيذها. كانت الحكومة قد أعلنت عن تسليم المشروع لشركات صينية كبرى بموجب اتفاقيات استراتيجية، حيث قدمت الشركات الصينية عرضاً لاستثمار يفوق 7 مليارات دينار باستخدام نموذج «EPC+F» (التصميم والتنفيذ والتمويل)، مع إنشاء مدن عمالية مؤقتة، ومع ذلك رفضت المؤسسة العامة للرعاية السكنية العرض بحجة ضرورة فصل التصميم عن التنفيذ، مما أدى إلى إطالة المدة الزمنية للمشروع بثلاث سنوات إضافية. 

وعليه بدأ التوجه نحو نموذج الرهن العقاري، وهو قانون جديد يسمح للبنوك بتمويل المواطنين لبناء أو اقتناء منازلهم مع استخدام المنزل كرهن حتى سداد القرض، وبالرجوع لمدينة الصابرية فقد كان صدمة لمنتظري الرعاية السكنية فقد صرح الوزير المعني بأن العرض الصيني لم يشمل معايير تصميم واضحة، مع تحميل الدولة تكاليف إضافية للبنى التحتية، ومن الممكن تسليم المشاريع لشركات محلية، والسؤال هل لدى الشركات المحلية الكفاءة التي كانت ستأتي مع الشركاء الصينيين، الذين نجحوا في تنفيذ مشاريع مشابهة بالسعودية ب100.000 وحدة سكنية بحلول 2030. 

كما أن التأجيل يفاقم الأزمة، خاصة مع توقعات بأن يغطي المشروع 90% من الطلبات الحالية خلال عقد من الزمن. الخلاصة أن النموذجين في المطلاع والصابرية يعكسان جوانب الأزمة الإسكانية في الكويت: من جهة، الإهمال في الخدمات يجعل المدن السكنية غير جاذبة، ومن جهة أخرى، التأخيرات في التنفيذ تحول دون تلبية الطلب المتزايد.

back to top