الصين شريك موثوق... والتكلفة تكشفها «الصابرية»
أكَّد رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله، عُمق الشراكة مع جمهورية الصين الشعبية، واصفاً إياها ب «الشريك القوي الموثوق»، وموجِّهاً بتكثيف جذب الاستثمارات الصينية.
هذه التصريحات تضع العلاقات مع بكين في صلب الأولوية الاستراتيجية للحكومة، وتعكس توجهاً حاسماً نحو تنويع مصادر الشراكة الدولية في ظل نظام عالمي متعدد الأقطاب.
يُعد التعاون على المستويين السياسي والاستراتيجي، مع قوة صاعدة كالصين، أمراً ضرورياً لتنفيذ خطة التنمية، حيث يؤكد توجيه رئيس الوزراء بترؤس اللجنة الوزارية لمتابعة الاتفاقيات أن الشراكة تحظى بمسار مؤسسي فعَّال لتذليل العقبات. ويُلاحظ أن العلاقات مع بكين تغطي معظم المجالات، ونموها المطرد انعكاس للمسار التاريخي. لكنَّ وصف الصين ب «الموثوق» يجب أن يقترن بحذرٍ استراتيجي، خصوصاً أن هذا التوجه نحو «الموازنة» قد يوتر العلاقات التقليدية مع الولايات المتحدة، الشريك الأمني التاريخي للمنطقة. كما أن الإشارة إلى «الشراكات التنموية الناجحة» يجب أن تتضمَّن تحديداً واضحاً لآليات المتابعة والتقييم.
أقترح، تحديد الحكومة سقفاً جيوسياسياً للشراكة الصينية، لضمان عدم تأثيرها على التحالفات الأمنية القائمة، ووضع آليات لضمان أن الاتفاقيات لا تهدف إلى تلبية أهداف الصين التوسعية، بل تخدم أولويات التنمية الوطنية حصراً.
يُعد التوجيه ب «جذب الاستثمارات الصينية» في الجانب الاقتصادي خطوة إيجابية لضخ رأسمال أجنبي مباشر (FDI) وزيادة حجم التبادل التجاري. إلا أن تصريحات وزير الإسكان عبداللطيف المشاري بشأن مشروع مدينة الصابرية السكنية كشفت عن الوجه الآخر لتلك الشراكة. فقد أشار المشاري إلى أن العروض الصينية جاءت مصحوبة بشروط غير مرنة (مثل الانفراد بالتنفيذ، وتحمُّل الدولة لكلفة إضافية)، إضافة إلى تباين كبير في الأرقام، مؤكداً ضرورة استخدام قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) رقم 118 لتنفيذ المشاريع، بهدف خفض التكاليف الإجمالية. هذا يؤكد أن المصلحة الوطنية واقتصاديات المشروع تتقدَّم على أي اعتبارات أخرى، وأن هناك إصراراً حكومياً على الدفع بعجلة التنمية.
أقترح، تطبيق نظام تدقيق صارم، لضمان أن الاستثمارات الصينية تتضمَّن نقلاً حقيقياً للتكنولوجيا، وتدريباً للكوادر المحلية (Local Content)، بدلاً من الاكتفاء باستيراد العمالة والمواد الصينية. يجب أن تُفتح المنافسة ل «شركات من دول أخرى»، لضمان التنافسية وكسر الاحتكار، مع الالتزام بتوحيد مصادر المعلومات، لمنع تداول المغالطات التي قد تضر بالعلاقات الثنائية.
وعلى صعيد الجودة والتنمية المستدامة، تؤكد ترسية عقد تصميم الصابرية على «مستشار عالمي» التزاماً حكومياً بالارتقاء بالبنية التحتية، وحل القضية الإسكانية، وتعزيز رفاه المواطنين.
هذا القرار يضمن تطبيق أفضل المعايير الهندسية والحضرية. ويجب أن تركز المشروعات الكبرى المُعلنة على تحقيق التنمية المستدامة التي توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، كما هو الحال في التعاون بشأن إعادة تدوير النفايات «المنخفض الكربوني». لكنَّ التنمية المستدامة تتجاوز الجوانب الهندسية، لتشمل الجوانب الاجتماعية.
أقترح، عدم تركيز المؤسسة العامة للرعاية السكنية فقط على جودة التصميم والبناء، بل على العدالة والشفافية في آليات التوزيع للسكن، وضمان أن المشروعات الكبرى تحقق تحسينات ملموسة ومستدامة على جودة حياة المواطن، وتخفف من قوائم الانتظار بشكلٍ فعَّال.