إسرائيل تقتل أكثر من 100 فلسطيني بغزة وتستأنف وقف النار
• كاتس: لا حصانة لقيادة «حماس» السياسية
أسفرت هجمات إسرائيلية شنت منذ ليل الثلاثاء حتى ظهر أمس عن مقتل 100 فلسطيني في غزة من بينهم 46 طفلاً، و20 من النساء، إضافة إلى 253 إصابة، قبل أن يعلن جيش الاحتلال أنه سيلتزم باتفاق وقف النار في القطاع عقب انتهاء الضربات التي قال إنها جاءت انتقاماً لمقتل ضابط برصاص قناص خلال معارك في رفح أمس الأول.
وأوضح في بيان أن عناصر مسلحة خرجت من نفق وأطلقت قذيفتين على موقع للجيش خلف الخط الأصفر دون أن يتسبب ذلك في سقوط إصابات، لكن عناصر أخرى من بينها قناص أطلقت النار على سائق جرافة، ما أدى إلى إصابته ومقتله في الموقع الذي زعم أنه كان يعمل به لتدمير نفق يوجد به عشرات المسلحين بالمنطقة الواقعة جنوب القطاع.
وشدد الجيش على أنه سيرد بحذر على «أي انتهاك» للاتفاق الذي تم برعاية أميركية- مصرية- قطرية، لافتاً إلى انتظار نتائج 30 عملية اغتيال استهدفت قادة في عدة مستويات بالحركة الفلسطينية داخل القطاع.
وفي موازاة ذلك، حذّر وزير الدفاع يسرائيل كاتس من أنه «لن تكون هناك حصانة لأي شخص من قيادة تنظيم حماس الإرهابي، لا للذين يرتدون البدلات ولا للمختبئين في الأنفاق»، في إشارة إلى عدد من قيادات الحركة السياسية المقيمة في الدوحة.
وقال كاتس في بيان: «سيتمّ قطع كل يدّ تُمدّ على جندي إسرائيلي. لقد تلقّى جيش الدفاع الإسرائيلي تعليمات بالتصرف بحزم ضد كل هدف لحماس، وسيستمر في ذلك رداً على انتهاك وقف النار، والانتهاك الفاضح لاتفاق إعادة الجثث».
ورغم إقرار اجتماع حكومي عقد أمس الأول توسيع نطاق السيطرة العسكرية في غزة إلى ما بعد «الخط الأصفر»، في خطوة يجري تنسيقها مع واشنطن، بزعم الرد على «خروقات حماس»، وسط نقاش حول تقليص المساعدات الإنسانية المحدودة أصلًا إلى القطاع، حذر وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من إمكانية فقدان الحكومة «الحق في البقاء»، إذا لم يلتزم بتحقيق جميع أهداف الحرب واكتفى بما وصفه «التفكيك الصوري لحماس والرد المناسب على خرق وقف النار والعودة إلى سياسيات ما قبل هجوم السابع من أكتوبر» بدلاً من العودة إلى الحرب الكاملة.
نفي واتهام
وفي وقت تخشى عائلات غزة من عودة الحرب مجدداً بعد ليلة دامية ومرعبة ذكرتهم ببداية العدوان الذي استمر عامين، نفت «حماس» مسؤوليتها عن الهجوم على القوات الإسرائيلية في رفح. وذكرت الحركة في بيان لها أنها لا تزال ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار. وقالت الحركة في بيان إن «التصعيد الغادر تجاه شعبنا بغزة يكشف نية إسرائيلية لتقويض اتفاق وقف إطلاق النار وفرض معادلات جديدة بالقوة»، مؤكدة أن «المقاومة بكل فصائلها التي التزمت بالاتفاق ولا تزال، لن تسمح للعدو بفرض وقائع جديدة تحت النار».
وأضافت أن الاحتلال يتحمل مسؤولية التصعيد الخطِر وتبعاته ومحاولة إفشال خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كما اعتبرت أن «مواقف الإدارة الأميركية المنحازة للاحتلال تعد تشجيعاً مباشراً على استمرار العدوان».
ودعت الوسطاء والضامنين لتحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على حكومة الاحتلال لوقف مجازرها والالتزام بالاتفاق.
ورغم إعلان «كتائب القسام» الجناح العسكري ل»حماس» أنها ستؤجّل تسليم جثامين المختطفين الإسرائيليين بسبب الخروقات الإسرائيلية للاتفاق، مثل استمرار الغارات وتأخير إدخال المساعدات، ذكرت أوساط عبرية بأن التقديرات في تل أبيب تفيد بأن الحركة ستعيد جثتي اثنين من الأسرى خلال الساعات ال24 المقبلة ليتبقى بذلك نحو 10 جثث تقول «حماس» إنها تحتاج إلى وقت ومعدات لتحديد مواقعها وانتشالها. وأتى ذلك بعد أن نشر الجيش الإسرائيلي، مقطع فيديو زعم أنه التقط بواسطة طائرة بدون طيار، ويُظهر على ما يبدو عناصر من «حماس» يدفنون كفناً أبيض يحتوي على رفات رهائن في مدينة غزة، ثم يُظهرون عملية اكتشافه أمام «الصليب الأحمر»، معتبراً أن ذلك دليل على مماطلة الحركة في تسليم الجثامين، وفقا لما تنص عليه خطة ترامب.«حماس» تنفي المسؤولية عن قتل ضابط إسرائيلي في رفح وتطالب الدول الضامنة بالضغط على الاحتلال
ثقة أميركية
في غضون ذلك، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ثقته في أن اتفاق غزة سيصمد.
وقال على متن الطائرة الرئاسية أمس: «لا أحد يعرف ما حدث للجندي الإسرائيلي، لكنهم يقولون إنه تعرض لإطلاق نار من قناص. وكان ذلك بمثابة الرد، وعندما يحدث ذلك، ينبغي عليهم الرد بالمثل».
وأضاف: «لن يعرض أي شيء وقف إطلاق النار للخطر. عليكم أن تفهموا أن حماس جزء صغير جداً من السلام في الشرق الأوسط، وعليهم أن يلتزموا». وتابع ترامب: «إذا كانوا جيدين فسيكونون سعداء وإذا لم يكونوا جيدين فسيتم القضاء عليهم، وسوف تنتهي حياتهم». في موازاة ذلك، اعتبر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، أن «وقف إطلاق النار صامد. هذا لا يعني أنه لن تحدث بعض المناوشات هنا وهناك».
قلق دولي
على الصعيد الدولي والإقليمي، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، أهمية تثبيت اتفاق غزة وتنفيذه بالكامل، بما يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم، وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، تمهيداً لبدء مرحلة إعادة الإعمار والتعافي المبكر.
وقبل توجهه إلى المنطقة في جولة تشمل الأردن والبحرين ولبنان دعا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، إسرائيل إلى ضبط النفس عسكريا لتجنب معاناة جديدة في غزة، لافتا إلى أن «المعلومات الأخيرة عن تجدد المعارك تُقلقني بشدة».
في السياق، وجَّهت المحققة المستقلة في الأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيزي، انتقاداً إلى دول العالم، لعدم تصديها للولايات المتحدة التي فرضت عليها عقوبات عرقلت قدرتها على تقديم أحدث تقييم لها بشأن «انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية».
ووصفت ألبانيزي العقوبات الأميركية بأنها «سابقة خطيرة وغير قانونية وحاقدة»، في كلمة ألقتها عبر الفيديو من جنوب افريقيا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.