الله يخليك لا تصرح أبداً

نشر في 27-10-2025
آخر تحديث 26-10-2025 | 18:57
 حسن العيسى

أمسك مكانك يا حضرة الوزير واصمت، كارثة التعليم ليست بحاجة إلى هذا الأسلوب للخطاب السياسي في المنصات الإعلامية، تُكلِّم الناس وكأنك فوق منصة عالية مخاطباً الجمهور بصوت متعالٍ فيه الكثير من العنجهية، وتحكي لهم حكايات بطريقة «ياحبابة حازينا»، إلا أن «حزاوي» حكايات المرحومة مريم الغضبان (حبابة) كانت مسلية للأطفال، أما حكاياتك فهي معيبة، مخجلة، ولا يصح أن تصدر من مسؤول كبير مؤتمن على المسيرة التعليمية.

ماذا يعنينا أن اتصل بك فلان وعلان يشكون لك حالهم، وتُظهر نفسك كأحد الخلفاء العادلين بالإمبراطورية الإسلامية في تاريخ لا ندري مدى صحته من الذين يستمعون وهم فوق الأرائك العالية- كما نشاهدهم في المسلسلات التاريخية بكل تفاهاتها - لشكاوى المظلومين، وينتصفون لهم بصرّة من المال، أو بتوبيخ وطرد الوالي المسؤول عن المظلمة، بينما أنت بدورك تقوم بنشر شكاوى خلق الله منتقداً وساخراً منهم، وتردد حالفاً «أحلف بالله العظيم... وصدقوني... وكنت مرة مع... ومرة اتصل واحد، وقال... يطلب نقل زوجته لأنه...؟!» أهكذا تُدار العملية التعليمية؟ أهكذا يكون الخطاب السياسي يا صاحب المعالي؟ هل أنت جاد بمقولة أنك مَن يقود عملية تطوير المناهج؟

أي مناهج؟ وأي تطوير؟ أمسك مكانك وخاطب الناس المتخصصين الجادين بكارثة التعليم ومخرجاته الهزلية مثل آلاف خريجي التربية الإسلامية والتاريخ وغيرهما من مواد سهلة، الذين يتقدمون لوظيفة التعليم بينما خريجو الفيزياء والكيمياء والعلوم لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة... نتيجة طبيعية في دول الريع حين ينأى الإنسان بنفسه عن تحديات الفكر وصعوبة المنهج العملي الصارم ويبحث عن الرخاوة.

كلمنا عن الأسس التي تبنيتها في تطوير المناهج، غير مادة الاجتماعيات التي تجنبت الكثير من تاريخ البلد المرتبط بالحياة الديموقراطية... حدثنا عن مناهج علوم المنطق والفلسفة وترسيخها بعقول الدارسين، وحث الطلاب على تبني المنهج النقدي العلمي الذي يقوم على التجربة والقياس بدلاً من «مع حمد قلم... وأغسل يدي قبل الأكل وبعده...».

لا توجد عليك ضغوط سياسية من مجلس أمة تقف عائقاً أمام تطوير التعليم كما يردد، ولا ضغوط اجتماعية، فأنت مع بقية الوزراء أول الحكاية وآخرها... نصيحة لوجه الله لا تصرح أبداً.

back to top