ريوق وغداء على حساب وزارة التربية
لم تعد مشكلة السكري في الكويت مجرد تحدٍّ صحي، بل أصبحت أزمة وطنية تمس كل بيت تقريباً، فمعدلات الإصابة بالسكري من النوع الثاني في تزايد مستمر، وتظهر اليوم في أعمار أصغر من أي وقت مضى. وإذا كنا جادين في المواجهة، فلابد أن نبدأ من الجذور: من الطفولة، من المدرسة تحديداً.
المدرسة ليست فقط مكاناً للتعليم، بل هي بيئة تُشكّل العادات والسلوكيات التي ترافق الإنسان مدى الحياة، لذا، فإن التدخل المبكر في مرحلة الطفولة هو المفتاح الحقيقي لمكافحة السكري والسمنة معاً. وأحد أكثر الحلول واقعية وفعالية هو أن تتولى وزارة التربية مسؤولية تقديم وجبتي الإفطار والغداء للطلبة داخل المدارس، على أن تكون وجبات صحية ومتوازنة غذائياً، بإشراف مختصين في التغذية والصحة العامة.
وبهذه الخطوة البسيطة يمكننا التحكم في وجبتين من أصل ثلاث وجبات رئيسية يتناولها الطفل يومياً، مما يعني أننا نؤثر مباشرة في نمطه الغذائي وصحته المستقبلية، فبدلاً من أن تكون المقاصف المدرسية مصدراً للسكريات والمعجنات والوجبات السريعة، يمكن أن تتحول المدرسة إلى بيئة تربوية تُعلّم الطفل كيف يأكل بطريقة صحيّة ومتوازنة.
من الجدير بالذكر أن وزارة التربية كانت بالفعل تقدم وجبات إفطار صحية للطلبة في الماضي، قبل أن تتراجع هذه المبادرة لاعتبارات لوجستية ومالية. اليوم، ومع تفاقم العبء الصحي والاقتصادي الناتج عن السكري، ربما آن الأوان لإعادة النظر في هذه التجربة وتوسيعها ضمن برنامج وطني متكامل لتقييم وتحسين العادات الغذائية للطلبة، بمشاركة وزارتي الصحة والتربية والجهات البحثية المختصة.
إن مواجهة السكري لا تبدأ في عيادات الغدد ولا تنتهي في المستشفيات، بل تبدأ من سلوك بسيط داخل المدرسة، من وجبة صحية تُقدَّم لطفل في بداية يومه، فالتربية الصحية هي حجر الأساس لأي مجتمع سليم، وإذا أردنا مستقبلاً أقل إصابة بالسكري، فعلينا أن نزرع الوعي والاختيار السليم منذ الصغر.