مرافعة: ضمانات تجديد الحبس
تعود مبررات عرض المتهمين أمام دوائر تجديد الحبس في قضايا الجنح والجنايات للتأكد من سلامة قرارات الحبس الاحتياطي بحقهم، والتي تصدرها جهات التحقيق، فضلاً عن التأكد من توافر دواعي حبسهم بعد الاطلاع من قبل قضاة التجديد لمراكزهم القانونية من ظاهر الأوراق المعروضة أمامهم.
وتلك السلطات التي منحها قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية لقضاة تجديد الحبس ينبغي أن يكونوا محيطين بها علما بأحكام القانون وعملاً حال عرض المتهمين أمامهم في جلسات تجديد الحبس لكونها من الضمانات التي عناها القانون للمتهمين.
وإن كانت تلك الصلاحيات التي منحها القانون بالغة الأهمية فإنها تستلزم من الجمعية العمومية للمحكمة أن تسند أمر تلك الدوائر إلى السادة القضاة العاملين في دوائر الجنح والجنايات وممن يتولون درجات قضائية تؤهلهم أمر إصدار تلك القرارات لكونها ذات بعد فني، وبما يتمتعون به من مهارات عالية في فهم واستنباط المراكز القانونية للمتهمين في فترات وجيزة تتطلب منهم حسم أمر استمرار حبس المتهمين أو إخلاء سبيلهم في القضايا التي يحبسون على ذمتها.
ومثلما عهد القانون لقضاة التجديد إصدار قرارات باستمرار حبس المتهمين أو إخلاء سبيلهم إلا أن القانون لم يمنحهم إصدار أي قرارات أخرى لمنع سفرهم أو اتخاذ أي إجراءات احترازية أخرى بديلة، وإنما عهد لجهات التحقيق ومحاكم الموضوع وحدها اتخاذ ذلك الأمر.
ولذلك فإن سلطة قاضي تجديد الحبس تحقق في إثبات عرض المتهمين على نحو مباشر ووفقاً للوسائل التقنية عن بعد، وأن يوجه لهم التهم المنسوبة إليهم من جهات التحقيق، سواء النيابة العامة أو الادعاء العام في الإدارة العامة للتحقيقات، وأن يثبت أقوالهم بالاعتراف بالتهم أو نفيها، وأن يسمع لدفاعهم بطلب إخلاء سبيلهم أو دفاع محاميهم الحاضرين معهم بشأن توافر مبررات الحبس الاحتياطي من عدمها، وإصدار قرارات على ضوء ذلك باستمرار حبس المتهمين أو إخلاء سبيلهم.
ومثل تلك المسائل الهامة التي يجب أن تتضمنها جلسات تجديد الحبس تمثل ضمانات هامة للعدالة، فمن حق المتهم أن يسمع التهم المحبوس عليها، وأن تثبت رأيه فيها، ومن حقه أن يثبت طلباته ومبرراته في طلب إخلاء السبيل عنه، ومن حق المدافع عنه أن يشرح مبررات الإفراج عنه، وأن يثبت كل تلك الوقائع في حضرة المحكمة وقاضي التجديد.
ومن ثم لا يسمح القانون ولاحقاً من بعده أحكام القضاء أن تعقد جلسات تجديد الحبس بحضور المحامين دون حضور المتهمين أو أن يثبت حضور المتهمين بعد أن ينصرف المحامون من أمام المحكمة، وذلك لكونها ضمانات أولاها المشرع عناية خاصة للمتهمين والمدافعين عنهم، ولأن مهمة قاضي التجديد لا يمكن أن تتحقق من دون سماع دفاع المتهم أو محاميه أو المبررات التي ينطلق منها لحث المحكمة لنظر طلب إخلاء سبيله أو الإفراج عنه.
ورغم أن ما تم عرضه في هذا المقام لا يغير من كونه سرداً للعديد من الثوابت القانونية والقضائية لإجراءات عقد جلسات تجديد الحبس لكن الواقع العملي شهد في بعض المرات القليلة جدا عدم تقيد بعض الدوائر بتلك الإجراءات رغم أهميتها وأثرها على منظومة العدالة بما يعكس حق المتهم والمدافع معه في عرض دفاعهم المرتبط بانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي أو إعادة النظر في القرارات التي تصدرها جهات التحقيق رغم تقيد العديد من دوائر تجديد الحبس بها.