بذكرى الدستور... إلغاء تعديل القانون 1994/44
في يناير من عام 1962 افتُتح المجلس التأسيسي الذي حمل على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في البلاد، وانتخب عبداللطيف الغانم رئيساً ود. أحمد الخطيب نائباً له، وفي جلسته السادسة تم انتخاب لجنة إعداد مشروع الدستور التي عُيِّن فيها الشيخ سعد العبدالله رئيساً، وكان حينها وزيراً للداخلية، وضمت كلاً من حمود الزيد الخالد، وكان حينها وزيراً للعدل، وعبداللطيف الغانم، ويعقوب الحميضي أميناً للسر، وسعود العبدالرزاق، وأنجزت اللجنة مهمتها في 23 جلسة.
ويصادف يوم غدٍ السابع والعشرون من أكتوبر ذكرى تقديم اللجنة للمشروع النهائي للدستور للمجلس التأسيسي الذي أقره بإجماع أعضائه في جلسة 3 نوفمبر 1962، وقيل إن عبدالله السالم أمر أبناء الأسرة الحاكمة الأعضاء في المجلس بالامتناع عن التصويت على مواد الدستور، ليكون شعبياً، وهو الذي يتكون من خمسة أبواب، ويتألف من 183 مادة، وبعد خمسة أيام قدم عبداللطيف الغانم مشروع الدستور للأمير عبدالله السالم، في تلك الصورة المتداولة المشهورة، وقد صادق عليه عبدالله السالم دون أي تغيير وأصدره في 11 نوفمبر، ونشر بالجريدة الرسمية في اليوم الذي يليه. وفي 15 يناير 1963 عقد المجلس التأسيسي جلسته الختامية بعد انتهاء الغرض الذي أُنشئ من أجله. لقد كانت ملحمة وطنية امتزجت فيها النوايا الصادقة لنخبة من الكويتيين، يكفيك أن تتأمل وتصفو وتتمتع بقراءة أسمائهم، شعباً وأسرة حاكمة، لتحقيق غاية سامية تضع أسس العلاقة بينهما مبنية على الثقة والصدق والأمانة لضمان بناء دولة عتيدة تنطلق نحو مستقبل أفضل لتواجه التحديات وترقى بالإنجازات. وبعد هذه النخبة من الأوائل جاء في عام 1994 مجلس يضم بعضاً ممن لا يمكن أن نجد لهم وصفاً يليق بما ارتكبوه من خطيئة في حق الكويت، والتي نقول عنها في كل مناسبة إنها كانت كارثة حين أقر المجلس تعديل قانون الجنسية رقم 44 لسنة 1994 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بإضافة فقرة جديدة للمادة السابعة باعتبار «أولاد المتجنس كويتيين بصفة أصلية»، وسريانها بأثر رجعي، بمعنى آخر انتكاسة تشريعية والتفاف حول تنقيح المادة 82 من الدستور التي تشترط أن يكون عضو مجلس الأمة كويتياً بصفة أصلية، فراحوا وأعطوا الحق لمن لا يملك «الصفة الأصلية» أن يمنحها لفروعه، وتساءلنا كيف وفاقد الشيء لا يعطيه؟ وهو ما أكدته المذكرة التفسيرية للمادة 82 من الدستور التي أوردت أن «شروط الجنسية الأصلية متميزة عن أحوال كسب الجنسية بطريق التجنس، وبهذا الحكم الدستوري يبطل العمل بأي نص تشريعي يسمح للمتجنس بممارسة حق الترشح لعضوية مجلس الأمة أياً كانت المدة التي مضت على تجنيسه».
لقد عبث مجلس 1994 بقانون الجنسية بمنحه الصفة الأصلية لأبناء المتجنس ليتمكنوا من الترشح، وقد أثبتت الأدلة مؤخراً سهولة تزوير الجنسية في حالات التجنس، كما قيل إن الجنسية بالحقبة السابقة منحت في سبيل نيل ولاء بعض أعضاء مجلس الأمة وضمهم في لواء الحكومة لمواجهة المعارضة، وللعضو الموالي أن يمنحها لمن يشاء من قبيلته، يعني كانت أشبه بسلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة. وعليه، اليوم نعيد التذكير في ذكرى تقديم لجنة إعداد مشروع الدستور للمشروع النهائي للمجلس التأسيسي، الذي يصادف غداً، بضرورة إلغاء الفقرة المضافة للمادة السابعة فوراً بحيث لا يكون أولاد المتجنس كويتيين بصفة أصلية.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.