أخلاق بتاريخ صلاحية

نشر في 24-10-2025
آخر تحديث 23-10-2025 | 19:51
 سارة صالح الراشد

الأخلاق مفهوم جامع للسلوكيات، أحسنة كانت أم سيئة، محمودة أو مذمومة. 

السلوكيات دائماً محكومة بقِيم وقناعات، بأفكار ومشاعر وتصوُّرات وخبرات، تقود إلى تصرُّف نهائي وتعامل وتفاعل على أرض الواقع. 

وقضية الأخلاق وتصنيفها، وغرسها وتهذيبها، قضية قديمة، لارتباطها بالمجتمع والعلاقات بين أفراده، وارتباطها بالمعايير الاجتماعية، وتأثيرها على النفس، وتنظيمها للحياة.

ظهرت لنا تبريرات مختلفة وغريبة في التهاون بمسألة الأخلاق، من ناحية شخصية ومن ناحية عامة، ومعظمها واهن وفاسد وغبي! أولها وأكثرها التحجج بأن الزمن تغيَّر والجيل اختلف.

إذا تعرَّض بيتك للسرقة، وجئت أقول لك إننا نعيش في زمنٍ متردٍّ! أو إذا تطاول عليك مراهق، فطلبت منك أن تسكت، لأن أبناء هذا الجيل يفتقرون لمحاسن الأخلاق! هذه أعذار أقبح من الذنوب. إنها أساليب الضعفاء لا المتسامحين، لأن التسامح فيه إقرار بالتمادي، واختيار للتغاضي.

لا يصح بأي حال من الأحوال أن نلغي الصواب، أو نقبل الوضاعة! هناك موازين، وأُسس، ومسؤوليات تربوية.

الأخلاق تتجاوز المكان والزمان، إذ لا يوجد توقيت للسلوك الحَسَن. والقاعدة في التعامل مع الآخرين، هي: الاحترام والأدب، وحُسن الظن، ولباقة الحديث، والتعاون في المعروف، والتماس العُذر والمعايشة. ولكل ظرفٍ وضع، ولكل مقام مقال، والخلاف لا يعني حتماً العداوة، والاختلاف ليس معركة، والمشاكل والقطيعة بين بعض الأطراف ليست للإعلان والتشهير والتعميم.

ومن التبريرات المُضحكة ما يسمَّى ب «نسبية الأخلاق». هذه التوجهات- الجديدة- ترى المنادين بها يحاولون- ببجاحة- كسر المعايير الأخلاقية والاستخفاف بها، رغبةً بتسويغ الخطأ والعيب والحرام. فعلى صعيد المجتمع: مجتمعنا مترابط، ولدينا مبادئ واضحة وقِيم راسخة، كما أنه مجتمع منفتح ثقافياً، وقادر على التمييز بين ما هو مقبول وما هو مُخل. 

وعلى صعيد العالم: «الأخلاق الإنسانية» مفهوم عالمي يؤمن بالمكارم ومراعاة الذوق، ويفرِّق بين الحق والباطل. وحتى على صعيد «الحُرية الشخصية»، التي تقتضي ألا تتجاوز فيها على حُرية الآخرين، فبمجرَّد مغادرتك لمنزلك أصبحت فرداً في نطاقٍ جماعي واسع، يُلزمك أن تمشي/تتكلم/ تلبس/ تأكل... بطريقة تحترم الجماعة، وتحفظ معاييرهم، وتضمن سلامتهم.

إن المستجد الذي يستحق أن نقدمه ونشرحه وندعمه هو ما يحقق للإنسان اندماجاً مع البيئة، واستثماراً للطاقة والقدرات، في الأنشطة المفيدة والهوايات، والتعلُّم والتمرُّس، والإبداع والتنوُّع، والمشاركة والتحفيز، بما يجعلنا مجتمعاً يُواكب الحداثة، ويواجه العالم بهويته الجميلة المتميزة.

back to top