شركات عالمية ل «الاكتشافات البحرية» الجديدة
• الرومي: الموضوع قيد الدراسة... والتكنولوجيا تبشر بالمزيد
• الكويت على الطريق الصحيح لإنتاج 4 ملايين برميل يومياً في 2035
كشف وزير النفط طارق الرومي، أمس، عن إمكانية إشراك شركات عالمية في الاستثمار بالاكتشافات الغازية التي أعلنتها الكويت أخيراً، رغم أن الأمر «لا يزال تحت الدراسة».
وقال الرومي على هامش مشاركته في منتدى الشباب الثامن للطاقة إن «الاكتشافات (البحرية) الأخيرة تدعونا للتفاؤل.. وهناك اكتشافات برية أيضاً تدعو للتفاؤل»، مضيفاً أن هناك أراضي «لم نكن نتوقع أن يكون فيها شيء، لكن مع تقدم التكنولوجيا، بدأنا عمل الدراسات الأولية، وهي تعطي مؤشرات جداً ممتازة».
وبينما توقع مزيداً من الاكتشافات النفطية الأخرى خلال الفترة المقبلة، أوضح الرومي أن الكويت تسير بالطريق الصحيح لتحقيق استراتيجيتها الهادفة للوصول إلى طاقة إنتاجية قدرها أربعة ملايين برميل يومياً من النفط الخام في عام 2035، لاسيما بعد الاكتشافات البحرية الأخيرة.
وفي تفاصيل الخبر:
انطلقت في البلاد، أمس، ولمدة يومين، أعمال منتدى الشباب الثامن للطاقة والاجتماع السنوي لمجلس البترول العالمي للطاقة، بالشراكة مع مجلس البترول العالمي للطاقة تحت مظلة اللجنة الوطنية للطاقة العضو في المجلس منذ عام 1994، وذلك في حدثٍ عالمي استثنائي يجمع نُخبة القيادات والخبراء والكوادر الشابة من نحو 60 دولة، لمناقشة مستقبل صناعة الطاقة.
وأكد وزير النفط، طارق الرومي، أن الاستثمار في الاستكشافات الغازية البحرية الأخيرة ما زال تحت الدراسة، متوقعاً أن يتم ذلك الاستثمار بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال.
وقال الرومي، في تصريحات صحافية على هامش المنتدى، إن الحكومة لا تألو جهداً في تقديم كل سُبل الدعم للشباب، خصوصاً العاملين منهم في الصناعة النفطية والطاقة والطاقة المتجددة.
وأضاف أن النقاط المهمة في استراتيجية القطاع النفطي، هي الوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل نفط يومياً في عام 2035، لافتاً إلى أن الاكتشاف الغازي الأخير يُعد دلالة واضحة على المُضي قُدماً بالطريق الصحيح في تلك الاستراتيجية.
الغيص: قطاع النفط العالمي يحتاج إلى استثمارات ب 18.2 تريليون دولار حتى عام 2050
وأشار إلى أن الاكتشافات الأخيرة تؤكد أن «الكويت فيها خير»، لافتاً إلى أن «هناك أراضي لم يكن نتوقع احتواءها على شيء».
وذكر أنه مع التطوُّر التكنولوجي، والبدء بعمل الدراسات الأولية، بدت هناك مؤشرات ممتازة، متوقعاً المزيد من الاكتشافات الأخرى.
وحول أبرز التحديات التي يتم العمل لتذليلها لدعم الشباب، قال الوزير إن الحديث دائماً يدور داخل القطاع النفطي والمنظمات الدولية عن الشباب، لافتاً إلى أنه تتم دراسة خطط لدعم الشباب، حيث تم توجيه القيادات النفطية للاهتمام بالشباب المميزين، وتقديم الفُرص للجميع.
وكان الوزير الرومي ألقى كلمة في بداية الحفل، أوضح فيها أن استضافة الكويت لهذا المنتدى تحت شعار «تمكين المستقبل: ربط الشباب بالأفكار والمعرفة»، بمنزلة تأكيد على أن «الصناعة النفطية لا يمكن أن تزدهر إلا من خلال الدمج بين الخبرة العريقة والطاقات الشابة المبدعة، فالشباب هم القلب النابض لصناعتنا النفطية، وهم الثروة الحقيقية التي نعتمد عليها في صياغة المستقبل، ليس بالكويت فحسب، بل على مستوى العالم بأسره».
وتابع: «ارتبط اسم الكويت منذ اكتشاف النفط فيها بدور محوري في استقرار الأسواق النفطية العالمية، من خلال عضويتها الفاعلة في منظمة أوبك، ومشاركتها المسؤولة في تحالف (أوبك+)، وكانت الكويت دائماً وما زالت صوت الحِكمة والاعتدال، تسعى لتحقيق التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين، وتعمل على ضمان تدفق آمنٍ ومستقر للطاقة، دعماً للتنمية المستدامة والاقتصاد العالمي».
وأشار إلى أنه على الصعيد العربي، تواصل الكويت إسهامها الفاعل في منظومة العمل المشترك في مجال الطاقة، إذ شرُفت باحتضان مقر منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) منذ تأسيسها عام 1968، واستمرَّت في دعمها لهذه المنظمة كمنصة رائدة للتعاون البترولي العربي. وقد أسهمت الكويت بفاعلية في تطوير استراتيجيات العمل المشترك في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة، وتحديث آليات المنظمة لمواكبة التحوُّلات العالمية المُتسارعة في هذا القطاع الحيوي.
وأضاف: «حضور الكويت لا يقتصر على محيطها العربي فحسب، بل يمتد إلى الساحة الدولية، من خلال دورها في منتدى الطاقة الدولي الذي تحتضنه مدينة الرياض، حيث تُعد الكويت من أعضائه المؤسسين والداعمين الرئيسيين، وتشارك بفاعلية في اجتماعاته الوزارية، انطلاقاً من إيمانها العميق بأهمية الحوار والتعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة».
وشدَّد على أن «الكويت تؤمن بأن مستقبل الطاقة لا يمكن أن يُبنى إلا من خلال شراكات عالمية حقيقية، وتعاون دولي يرتكز على الابتكار والمسؤولية والاستدامة، وهذا المنتدى، بما يحمله من مشاركة واسعة، ينسجم تماماً مع (رؤية الكويت 2035)، وبرنامج عمل الحكومة، الذي يضع في أولوياته تمكين الشباب وتطوير رأس المال البشري».
وتابع الرومي: «في هذا الإطار، تتجسَّد رؤية الكويت للتحوُّل نحو التشغيل الذكي والمستدام، من خلال مشاريع نوعية ومبادرات ابتكارية تقودها شركات القطاع النفطي، فقد افتتحت شركة نفط الكويت مركز الابتكار في الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع شركة مايكروسوفت العالمية، كخطوة رائدة ضمن مسار التحوُّل الرقمي في عملياتها التشغيلية، إلى جانب دعم مركز البحث والتطوير والتكنولوجيا، الذي يُعد رافداً محورياً للابتكار في مجالات الإنتاج، والاستكشاف، والتقنيات البيئية».
وأشار إلى أن شركة البترول الوطنية تنفذ منظومة متكاملة من مبادرات التحوُّل الرقمي تشمل مشروع إدارة تنفيذ المبادرات الرقمية، بالتعاون مع جهة استشارية متخصصة، ومبادرة الأتمتة الذكية والتحوُّل نحو العمليات المتكاملة، ومبادرة «المطورون المواطنون» التي تمكِّن الموظفين من ابتكار حلولٍ رقمية من دون الحاجة إلى برمجة، فضلاً عن تطبيقات أتمتة العمليات الروبوتية لرفع الكفاءة التشغيلية، ونشر ثقافة الإبداع بين العاملين.
وذكر أن «جائزة (النفط تبتكر)، التي أطلقتها وزارة النفط، تجسِّد التزامنا بدعم الإبداع، وتمكين العقول الشابة من الإسهام في تطوير صناعة النفط والغاز، إذ تهدف الجائزة إلى تحفيز الكفاءات الوطنية والمواهب الواعدة على تقديم أفكار مبتكرة تُسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين الأداء البيئي، وتطوير حلول تقنية مستدامة تُواكب متطلبات المرحلة المقبلة، كما تُعد الجائزة منصة وطنية لترسيخ ثقافة البحث والابتكار في القطاع النفطي، وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والشركات الوطنية لتطوير تطبيقات عملية قابلة للتنفيذ».
الصباح: انعقاد المنتدى بالكويت تأكيد لمكانتها المرموقة في الصناعة النفطية العالمية
وشدَّد على أن تعزيز الثقافة العلمية والتقنية بين الشباب، وربطها بالمسؤولية البيئية والاجتماعية، هو نهج الكويت لإعداد جيلٍ واعٍ قادر على مواجهة تحديات الطاقة العالمية، كون الاستماع إلى أفكار الشباب ودعم مشاريعهم المبتكرة وتحويلها إلى واقعٍ ملموس يمثل حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة، وصون مكتسبات صناعة الطاقة، مضيفاً: «نطمح من خلال هذا المنتدى إلى أن يكون منصةً عالمية لإعلاء صوت الشباب، ولصياغة حلولٍ مبتكرة للتحديات المشتركة، بدءاً من التحوُّلات التكنولوجية في صناعة النفط، ووصولاً إلى الالتزامات البيئية ومسؤولية مواجهة التغيُّر المناخي».
مستقبل الصناعة
من جانبه، قال الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيص، إن «مستقبل صناعتنا سيقوده جيل الشباب، ومن الضروري أن نمكِّنهم ونستثمر في طاقاتهم. الاستثمار في قُدرات الشباب أمر حاسم، ليس فقط لصناعة النفط في الكويت، بل على الصعيد العالمي أيضاً».
وأضاف الغيص: «على مدار السنين، حظيت بفرص مميزة، قُدت من خلالها فِرق التسويق بالكويت، وكذلك من مكاتبنا في بكين ولندن، وسعيت دوماً إلى تحقيق الأهداف الطموحة لتطوير قطاع النفط، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وقد قادني هذا المسار إلى الانخراط في منظمة أوبك، والتي تُعَد الكويت من أعضائها المؤسسين، ثم إلى شرف تولي منصب الأمين العام للمنظمة في أغسطس 2022. وانطلاقاً من هذه التجربة، أدرك تماماً أهمية تمكين الكفاءات الشابة، وصقل مهاراتها، وتزويدها بالمعرفة اللازمة، لتبدع وتبتكر وتتفوَّق وتتصدَّر القيادة».
وأكد أن بناء جيلٍ جديد من قادة الطاقة يُعد مسعى ملهماً بكل المقاييس، كما أن «تجربتي كأمين عام ل (أوبك) زادت من قناعتي بأن مستقبل هذه الصناعة مشرق، وأنها ستظل تلعب دوراً محورياً وأساسياً في حياة مليارات البشر لعقود قادمة، ويظهر ذلك جلياً في تقرير آفاق النفط العالمية 2025 الذي أصدرته (أوبك) أخيراً خلال الندوة الدولية التاسعة للمنظمة، إذ نتوقع ارتفاع الطلب على معظم أنواع الوقود حتى عام 2050، مع زيادة إجمالي الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 23 في المئة».
ميراس: الشباب يشكلون العنصر الأهم في دعم التحول الطاقي
وتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى نحو 123 مليون برميل يومياً بحلول عام 2050، ليظل النفط صاحب الحصة الأكبر في مزيج الطاقة بنسبة تقارب 30 في المئة، ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها: النمو السكاني والاقتصادي، وارتفاع معدَّلات التحضُّر، وظهور صناعات جديدة كثيفة الاستهلاك للطاقة، إلى جانب الحاجة إلى توفير الطاقة للمليارات ممن لا تزال محرومة منها.
استثمارات ضخمة
وقال الغيص إن «هذا التوسع يستدعي استثمارات ضخمة، إذ تُقدَّر احتياجات قطاع النفط وحده بحوالي 18.2 تريليون دولار بحلول 2050، وإلى جانب هذه الاستثمارات، نحتاج إلى شباب طموحين ومخلصين للعمل في هذه الصناعة، والمساهمة في صناعة المستقبل. الاستثمارات لا تقتصر على إنشاء المصافي وحفر الآبار وتطوير المعدات فحسب، بل الاستثمار الأسمى والأكثر أثراً هو الاستثمار في الإنسان- في تأهيلكم وتدريبكم وتمكينكم- لتكونوا أنتم القادة الذين ينهضون بهذه الصناعة، ويقودون مسيرتها نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة، وهذا لا يقتصر على تلبية احتياجات العالم من النفط فحسب، بل يشمل أيضاً المساهمة في خفض الانبعاثات».
وأضاف: «تعمل دول (أوبك)، وفي طليعتها الكويت، على الريادة في مجال الاستدامة، من خلال الاستثمار في تقنيات متقدمة، مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، التي تهدف إلى جمع غاز ثاني أكسيد الكربون من مصادر الانبعاثات الصناعية وعزله أو توظيفه في الصناعات، إضافة إلى تقنيات التقاط الهواء المباشر، التي تستخلص هذا الغاز من الغلاف الجوي نفسه، بما يُسهم في تقليل الانبعاثات، وتعزيز التوازن البيئي. وإلى جانب ذلك، يجري التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة لتكامل الجهود نحو مستقبل طاقة أنظف وأكثر استدامة. ويكفي أن ننظر إلى مدينة الشقايا للطاقة المتجددة لنلمس طموحات وطننا في هذا السياق».
وشدَّد الغيص على أن مستقبل الطاقة ليس قائماً على إقصاء مصدر للطاقة، كالنفط والغاز، بل على الاستثمار في جميع مصادر الطاقة، وتحديداً النفط والغاز والطاقة المتجددة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فالعالم يحتاج إلى نهجٍ شامل، يجمع بين كل مصادر الطاقة والتقنيات، مع مراعاة احتياجات جميع الشعوب في السنوات المقبلة.
من جانبه، قال وكيل وزارة النفط، الشيخ نمر الصباح، إن «انعقاد هذا المنتدى هنا على أرض الكويت، رسالة واضحة تؤكد مكانة بلدنا المرموقة في الصناعة النفطية العالمية، وتجسِّد في الوقت ذاته التزامها الثابت بدعم الحوار الدولي، وتعزيز مشاركة الشباب في صياغة مستقبل الطاقة».
وأكد أن وزارة النفط حرصت على أن يكون لشباب الكويت حضور بارز في الساحة الدولية، من خلال مشاركتهم الفاعلة في لجان مجلس البترول العالمي، خصوصاً لجنة الشباب، التي تمثل منصة مهمة لعرض أفكارهم وتطلعاتهم على العالم، كما سعت إلى تطوير برامج تدريبية متقدمة، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية ومراكز الأبحاث، بهدف تزويدهم بالمهارات التقنية والمعرفة العلمية في مجالات الاستكشاف والإنتاج والطاقة المتجددة، ولم يتوقف الدعم عند حدود التدريب، بل شمل تشجيع الشباب على تقديم أبحاثهم ومشاريعهم الابتكارية، ورعايتهم للمشاركة في المحافل الدولية، ليكونوا سفراء للكويت وممثلين حقيقيين لها.
نُخبة من الخبراء
من جانبه، أعرب الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، جاسم الشيراوي، عن بالغ التقدير لوزارة النفط في الكويت، وللمجلس العالمي للطاقة، على هذه المبادرة المتميزة، التي تعكس إيماناً عميقاً بدور الشباب، كونهم الطاقة الحيَّة للتقدُّم وبناء المستقبل، وحرصاً على نقل المعرفة والخبرة من جيلٍ إلى آخر.
واستشهد الشيراوي بالمقولة الشهيرة «شباب اليوم، قادة الغد»، مؤكداً أن هذه العبارة تختزل الإيمان العميق بقُدرات الشباب، ودورهم المحوري في بناء المستقبل وصياغة ملامحه.
وأشار إلى أن المنطقة العربية لم تكن يوماً غنية بثرواتها من النفط والغاز فحسب، بل تزخر كذلك بعقولٍ مبدعة، وشباب طموحين يمتلكون روح الابتكار والتفكير الخلَّاق، ليشكِّلوا بذلك القوة الحقيقية القادرة على دفع مسيرة التطوُّر والإبداع في قطاع الطاقة وسائر ميادين التنمية.
من جانبه، استعرض رئيس مجلس البترول العالمي (WPC) بيدرو ميراس، في كلمته، الدور المحوري للشباب المهنيين في قطاع الطاقة، مشيداً بإسهاماتهم في صناعة مستقبل هذا القطاع الحيوي، وأكد أنهم يشكلون ركيزة أساسية في مسيرة التطور والابتكار التي يشهدها العالم في مجال الطاقة.