يا فرحتنا

نشر في 22-10-2025
آخر تحديث 21-10-2025 | 19:53
 حسن العيسى

كيف سيكون الحال الاقتصادي – السياسي بدولنا الخليجية والعربية وكل المؤشرات في العالم تقول إن هناك أزمة اقتصادية قائمة وتتفاقم يوماً بعد يوم، فدول الغرب الأوروبي الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولا يختلف الحال في اليابان، كلها تعاني التضخم وتراكم الديون، وإصلاحات الرفاه تتباعد. كلام مخيف ذلك الذي ذكرته «الإيكونيميست» قبل أيام. أحد المعلقين الماليين لا يستبعد ولو باحتمال ضئيل قيام حرب عالمية ثالثة إذا استمر تدهور الوضع، وأضحت شماعة أوكرانيا التي تنفخ على جمرها الدول الأوروبية هي المناسبة لهذه الحرب.

دولنا العربية تدور معظمها في الفلك الأميركي – الأوروبي، وما قد يحدث عند المعازيب (المستعمرين المباشرين سابقاً) سندفع بدورنا أثمانه الباهظة. أكثر من ذلك دولنا العربية هي إما ريعية بطريقة مباشرة مثل حال الدول النفطية، وإما بصورة غير مباشرة حين يعتمد جزء كبير من اقتصاداتها على تحويلات العاملين بالخارج في دول الخليج.

لكن ما هو الريع؟ هو الدخل الناتج من غير عمل إنساني، في دول الريع تجد قلة من المجتمع تعمل (مثل عمال النفط) بينما الأغلبية تستهلك. حسب ما ذكره د. حازم ببلاوي ولوشيانو في كتيب لها فإنه في مثل تلك الدول تصبح الجنسية مصدراً للمنفعة الاقتصادية، وهناك أصل قبلي لهذه الدول، وتقوم قوة الولاء حسب العطاء، ولا توجد ضريبة، وحسب أريحية السلطة يتم توزيع المنح والعطايا.

النفط الذي يعد منحة أضحى لعنة، كما توقع صاحب فكرة «الأوبك» خوان ألفونسو وزير النفط الفنزويلي، والذي وطنه الآن مهدد بالغزو من الولايات المتحدة- أيضاً كان وزير النفط السعودي عبدالله الطريقي الشخص الثاني لفكرة تأسيس المنظمة- لعنة النفط أو لعنة الثروة بمعنى الاعتماد التام على سلعة وحيدة وتناسي الاستثمار في العمل الإنساني المنتج.

دول الخليج الآن انتبهت لهذا الوضع المنحرف، وبدأت منذ سنوات عملية تغيير لتنويع مصادر الدخل والتخفيف من الاعتماد على النفط، عدا دولة واحدة وهي الأقدم من تلك الدول والأسبق في التحديث والانفتاح الثقافي والتقدم بكل صوره، تخلفت هذه الدولة وأخذت تراوح في مكانها وتتراجع بعد أن كانت درة الخليج. تريدون أن تعرفوا السبب: ارتاحوا ساعة واحدة فقط من تعب اللف والدوران والجلوس في مقاهي المولات ومتابعة «تك توك» وطالعوا صحفنا المحلية وكيف تحلل أخبار الكون وتقدم لنا الأولويات الكبرى للدولة... يا فرحتنا.

back to top