صراعات الكرد... مع دول الجوار (1-2)

نشر في 22-10-2025
آخر تحديث 21-10-2025 | 18:50
 خليل علي حيدر

وجدت بريطانيا نفسها في حرب شمالي العراق خلال الربع الأول من القرن العشرين ضد الأكراد، ولكن بريطانيا كانت مسؤولة عن تلك «الورطة»! فقد جابه الكرد بقيادة الشيخ «محمود البرزنجي القوات البريطانية الزاحفة على منطقة الموصل عام 1918، ولكن الفوز كان للإنكليز الذين سحقت قواتهم القوات الكردية البسيطة التسليح، واعتقلت الشيخ «البرزنجي» ونفته إلى خارج البلاد، ثم تفاهمت معه لاحقاً وأعادته ليحكم «السليمانية»، ووعدته بدولة مستقلة للأكراد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. غير أن بريطانيا نكثت بالوعد، وأتت بالملك «فيصل» بن الشريف حسين لحكم العراق، بعد أن ضمت السليمانية والموصل، من مناطق الأكراد، إلى بغداد والبصرة، وكونت منها مملكة جديدة بحكم عربي وراثي! فثار الأكراد مجدداً بقيادة «البرزنجي»... ولكن بريطانيا استخدمت الطائرات في قصف المدن والقرى الكردية، وانتهت الثورة عام 1924.

وتواصلت احتجاجات الكرد وتجذرت. ومع انقلاب «بكر صدقي» يقول الباحث علي العبدالله، عاد الشعور القومي الكردي إلى التصاعد بقيادة «حزب الأمل» مطالباً بحكم ذاتي في إطار الدولة العراقية، ثم انقسم الحزب أمام قضية التحالف مع الاتحاد السوفياتي عام 1943 أم بريطانيا، ثم تسلم الأوضاع «الملا مصطفى البرزاني» عام 1946، وتراجع الأكراد أمام خصومهم ولم يحصلوا على الاستقلال.

تحول الكرد مع ظروف قيام أنظمة معترف بها في تركيا والعراق وإيران إلى «أقلية قومية». وفى تركيا، يقول الباحث «العبدالله»، تعرضوا لعمليات محو الهوية وتغيير اسم العائلات والمساكن كى تبدو الأسماء تركية، حيث تم تغيير أسماء 23 ألف قرية، كما تعرض الكرد إلى عمليات تهجير قسرية. وعندما أنشأ الأكراد عام 1960 «الحزب الديموقراطي الكردي» في تركيا التي كانت تمنع آنذاك حتى استعمال اللغة الكردية، كانت قد تجذرت النزعة الانفصالية بين الأكراد وبخاصة مع اتّباع السلطات تهجير آلاف الأسر إلى غرب تركيا، لتخفيض كثافة الأكراد في الشرق!

وبعد ربع قرن تجددت المجابهة عام 1984 مع إعلان «حزب العمال الكردستاني» بقيادة «عبدالله أوجلان» عام 1979، الذي بدأ الكفاح المسلح ضد النظام التركي. ويقول الباحث إن الحرب كلفت 30 ألف قتيل و130 مليار دولار وهدم 3000 قرية. ومما ساعد في السنوات الأخيرة على تحسين أوضاع الأكراد في تركيا ما بذلته الدولة في إعطاء المزيد من الحريات الثقافية اللغوية والاجتماعية للكرد أثناء فترة تزايد المطالبة التركية بدخول «الاتحاد الأوروبي» على خلفية تحسين سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان. وقد حصل الأكراد في تركيا على جملة حقوق في مختلف المجالات قد نتاولها لاحقاً في مقال مستقل.

وفي إيران خلال العهد الملكي وما بعد الثورة عام 1979 يقول الباحث العبدالله عن الكرد في إيران: «في إيران لم يحصلوا على اعتراف بهويتهم القومية وتعرضوا في فترات 1946م و1980م إلى هجوم دمر قراهم ومدنهم واستخدمت عام 1980م الطائرات في قصف المدن والقرى، حيث وقعت المجابهة بين الحزب الديموقراطي الكردستاني وقوات الجيش وحراس الثورة الإيرانيين داخل إيران وفي الأراضي العراقية حيث لجأ كوادر هذا الحزب بعد أن رفضت إيران التفاهم وحل القضية سلمياً، واغتالت قادة الحزب د. عبدالرحمن قاسملو وآخرين بعد أن فشل اجتماع بينهم في «فيينا» بحضور الوسيط د. فاضل رسول (قتل الوفد الكردي والوسيط بحضور الوفد الإيراني داخل الغرفة نفسها عام 1989)».

back to top