اتفاق غزة يهتز ولا يسقط
• القطاع يشهد أعنف تصعيد ميداني عشية وصول نائب ترامب إلى المنطقة
• «حماس» والاحتلال الإسرائيلي يتبادلان الاتهامات بخرق وقف النار
عشية وصول نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى المنطقة لإجراء مفاوضات شاقة لدفع خطة الرئيس دونالد ترامب الرامية لإنهاء القتال في غزة وإعادة إعمار القطاع الفلسطيني المنكوب، شهدت غزة أمس انتهاكات دموية لوقف النار في أسوأ تصعيد ميداني منذ بدء سريان الاتفاق في 10 الجاري.
وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن التسبب بالأحداث التي بدأت على ما يبدو حين اندلعت اشتباكات بين الحركة وعناصر فلسطينية مسلحة مدعومة من الجيش الإسرائيلي في منطقة تحت سيطرته في رفح، أقصى جنوب القطاع.
وبعد أن شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت أكثر من 20 موقعاً في عموم القطاع، مما تسبب في مقتل 10 أشخاص، كردٍّ انتقامي ضد عناصر «حماس» التي اتهمها بمهاجمة قواته بقذائف مضادة للدبابات وعبر قناصة في رفح مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة اثنين، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، إن وقف النار لا يزال قائماً، لكنها شددت على أن «القوات الإسرائيلية يُسمح لها بالدفاع عن نفسها».
وفي وقت طالب الوزيران المتشددان إيتمار بن غفير وبتسائيل سموتريتش بتجديد الحرب بشكل كامل للقضاء على «حماس»، حذر وزير الدفاع يسرائيل كاتس من أن الحركة «ستدفع ثمناً باهظاً» عن كل إطلاق نار أو خرق لوقف النار.
وهددت وزيرة المواصلات ميري ريغيف بأنه إذا لم تفكك «حماس» سلاحها بعد إعادة كل جثث المحتجزين المتبقية وعددها نحو 17 فستعود إسرائيل للقتال، في حين أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تغيير اسم حرب غزة لـ «حرب النهوض» بدلاً من «السيوف الحديدية».
وفي رد على سؤال بشأن نزع سلاح الحركة، صرح ترامب، أمس، بأنه إذا لم تفعل «حماس» ما هو متوقع منها «فسنقوم نحن بذلك».
في المقابل، أكدت «كتائب القسام» الذراع العسكرية لـ «حماس» أنها ملتزمة باتفاق وقف النار، نافية مسؤوليتها عن الاشتباكات التي وقعت في «المنطقة الحمراء»، الخاضعة للجيش الإسرائيلي.
وقالت الكتائب إن اتصالها بعناصر في المدينة المتاخمة للحدود المصرية منقطعة، متهمة الجيش الإسرائيلي بانتهاك اتفاق وقف النار وبقتل 38 شخصاً منذ سريانه.
جاء ذلك غداة إعلان وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أنها حذرت الدول الضامنة للاتفاق من تلقيها تقارير عن هجوم وشيك تستعد «حماس» لشنه «ضد السكان الفلسطينيين بما يخالف ويهدد اتفاق وقف إطلاق النار»، وهو ما نفته الحركة ووصفته بأنه «تبنٍّ لرؤية الاحتلال الذي موّل وسلح عصابات في القطاع».
وبينما يتوقع أن يركز فانس وويتكوف خلال جولتهما الإقليمية التي تشمل مصر إلى جانب إسرائيل بحث سبل تشكيل قوة دولية لإعادة الاستقرار بهدف نشرها في غزة للسماح للجيش الإسرائيلي باستكمال انسحابه، ذكر مسؤول عسكري إسرائيلي أن هناك أفكاراً لتسليح جماعات وعشائر في غزة لإيجاد بدائل للحركة الإسلامية.
وفي تفاصيل الخبر:
في أكبر تصعيد من نوعه منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تضمنته المبادرة الأميركية بشأن إنهاء القتال في القطاع الفلسطيني المنكوب، والذي بدأ سريانه الجمعة قبل الماضي، شنَّ الجيش الإسرائيلي، أمس، غارات جوية على مناطق في مدينة رفح أقصى جنوب غزة، متهماً حركة حماس بمهاجمة قواته في منطقة خارج الخط الأصفر الذي رسمته خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحديد مراحل الانسحاب الإسرائيلي التدريجي.
وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي أن «حماس هاجمت القوات الإسرائيلية في رفح، جنوب غزة، بقذائف صاروخية ونيران قناصة، مما دفع الجيش إلى تنفيذ ضربات انتقامية استهدفت نحو 20 هدفاً في دير البلح ورفح»، في وقت أفادت تقارير عبرية بمقتل جندي وإصابة اثنين آخرين في صفوف الجيش جراء الهجوم.
وتحدثت مصادر فلسطينية أن الطائرات الحربية استهدفت بعدة غارات مواقع وأراضي في محيط مدينة رفح، مما تسبب بانفجارات عنيفة وحالة من الهلع في صفوف السكان، في وقت ذكرت تقارير أن غارات أخرى استهدفت تجمعاً لمواطنين قرب مقهى في دير البلح وتسببت بمقتل 5 وإصابة آخرين.
وأفاد فلسطينيون بأنهم سمعوا دوي انفجارات وأعيرة نارية في رفح جنوب القطاع، وقال شهود إن إطلاقاً كثيفاً لقذائف دبابات إسرائيلية وقع في بلدة عبسان قرب خان يونس.
وفي شمال القطاع، أفادت السلطات الصحية بمقتل فلسطينيين بغارات جوية إسرائيلية على جباليا.
وفي حين أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليماته بـ «الرد بقوة والعمل ضد أهداف إرهابية في غزة»، دعا وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش، رئيس الائتلاف الحاكم لاستئناف حرب غزة بشكل كامل للقضاء على «حماس».
في موازاة ذلك، أكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن «حماس ستدفع ثمناً قاسياً على كل خرق لاتفاق وقف إطلاق النار وإن لم تتعلم فستزداد قوّة ردّنا».
ومع تجدد العنف في غزة والمخاوف من انهيار وقف إطلاق النار هبطت مؤشرات الأسهم الرئيسية في تل أبيب بما يقارب اثنين في المئة.
وفي وقت سابق، اعتمد نتنياهو خلال اجتماع حكومي تسمية حرب غزة التي بدأت منذ عامين باسم دائم هو «حرب النهوض» بدلاً من «السيوف الحديدية»، في حين هددت وزيرة المواصلات ميري ريغيف بأنه إذا لم تفكك «حماس» سلاحها بعد إعادة كل جثث المحتجزين المتبقية وعددها نحو 17 فستعود إسرائيل للقتال.
نفي «حماس»
على الجهة المقابلة، قال القيادي بـ «حماس» عزت الرشق إن الحركة تؤكد التزامها بوقف إطلاق النار، مضيفاً أن إسرائيل هي من تواصل «خرق الاتفاق واختلاق الذرائع الواهية لتبرير جرائمها».
وذكر الرشق أن «محاولات نتنياهو التنصل من التزاماته تأتي تحت ضغط ائتلافه الإرهابي المتطرف، في محاولة للهروب من مسؤولياته أمام الوسطاء والضامنين».
وأشار إلى أن جيش الاحتلال ارتكب 47 انتهاكاً بعد سريان اتفاق وقف النار، مما أسفر عن مقتل 38 وإصابة 143.
وفي تصريحات منفصلة، أكدت «كتائب القسام» الذراع العسكرية لـ «حماس» أنها لا علم لها بأي اشتباكات وقعت في رفح وقالت إن اتصالاتها مقطوعة مع جميع عناصرها بالمدينة التي تقع ضمن الخط الأحمر الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى التزامها الكامل بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وفي مقدمته وقف إطلاق النار في جميع مناطق القطاع.
من جهته، صرح المتحدث باسم الحركة حازم قاسم بأن «حماس» تجري نقاشات مع الوسطاء لوضع ترتيبات دخول المرحلة الثانية من المفاوضات مع إسرائيل والتي من المتوقع أن تبدأ خلال أيام.
اشتباك وتباين
وفي ظل تبادل الاتهامات الحكومة الإسرائيلية و«حماس» بشأن انتهاك وقف إطلاق النار الهش، أشارت تقارير إلى أن الاشتباكات العنيفة بين الجانبين في رفح بدأت باستهداف الحركة لإحدى المجموعات المسلحة المدعومة من جيش الاحتلال، بزعامة المدعو ياسر أبوشباب، ضمن حملة موسعة لاستعادة سيطرتها على القطاع.
وليل السبت ـ الأحد، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أنها أبلغت الدول الضامنة لاتفاق غزة، مصر وقطر وتركيا، بتقارير موثوقة عن «انتهاك وشيك للاتفاق من قبل حماس ضد سكان غزة».
ولفتت واشنطن إلى أن هجوماً كهذا سيُشكل خرقاً مباشراً لشروط وقف إطلاق النار، داعية «حماس» إلى تطبيق التزاماتها بناءً على شروط الاتفاق الذي وقّعتها.
وهددت «الخارجية» الأميركية بأنه في حال مواصلة «حماس» عملياتها هذه، ستُتخذ ضدها إجراءات «من أجل حماية سكان غزة والحفاظ على سلامة وقف النار».
وردت الحركة بالإعراب عن رفضها لـ «الادعاءات» الواردة في بيان الخارجية الأميركية، مشيرة إلى أن الحقائق على الأرض تكشف أن سلطات الاحتلال هي التي شكلت وسلحت ومولت عصابات إجرامية في القطاع.
وتابعت أن أجهزة الشرطة في غزة وبمساندة أهلية تقوم بواجبها في ملاحقة العصابات ومحاسبتها وفق آليات قانونية واضحة.
ودعت الإدارة الأميركية للتوقف عن «ترديد رواية الاحتلال والانصراف إلى لجم انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار»، معتبرة أن «الادعاءات الباطلة في حق الحركة تتساوق مع الدعاية الإسرائيلية وتوفر غطاء لاستمرار عدوانه».
وجاء ذلك قبل ساعات من وصول المعبوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى تل أبيب بهدف محاولة تثبيت خطة ترامب الرامية لإنهاء الحرب وإعادة اعمار القطاع، على أن يلحق به نائب الرئيس جي دي فانس اليوم لمناقشة جهود تشكيل قوة استقرار دولية يمكن نشرها في غزة للسماح باستكمال انسحاب الجيش الإسرائيلي.