ملتقى السرد يرصد إشكاليات الرواية العربية
يواصل ملتقى السرد، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة جلساته الثقافية والنقدية في فندق سيمفوني ستايل بمنطقة السالمية، حيث استضاف الناقد د. عبدالله العقيبي في محاضرة «قضايا سردية»، بحضور جمعٍ من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأن السردي.
وتناول د. العقيبي في ورقته التي جاءت بعنوان «تأملات في السرد الروائي والتلقي» عدداً من القضايا والإشكاليات والرؤى المتعلقة بحاضر الرواية العربية، بعضها يتقاطع مع الرواية كفنٍ كوني، وبعضها يبدو كما لو كان مجرَّد تأملات نقدية ظهرت بسبب كثرة المُطالعة، أو الضجر من تردي الحالة السردية العامة في العالم العربي والخليج. وقدَّم في ورقته توصيفاً مبسَّطاً لكل موضوعٍ على حدة، ومنها: الضغوط السردية، والرواية القَدَرِية، والنظرية النقدية السرية- البقاء داخل جدار التلقي الأول، والمحاكاة الصوتية وفوضى الحروف المتلاصقة.
ومن مقتطفات ما قدَّمه في ورقته: «لا تُكتب الرواية بعفوية أو نزقٍ عابر، كما قد تُكتب القصيدة أو القصة القصيرة، بل تحتاج إلى صبرٍ طويل، وعقلية بحثية قادرة على تحمُّل مشقة العمل الممتد، وإعادة القراءة، والتقاطع مع الواقع. الشخصيات قد تتمرَّد، والأحداث قد تتغيَّر أثناء الكتابة، لكن هذا كُله جزء من طبيعة العمل الروائي، الذي يظل مشروعاً مفتوحاً حتى اللحظة الأخيرة. وربما لهذا السبب فشل كثير من الشعراء وكُتاب القصة القصيرة في الانتقال إلى الرواية، مثل بورخيس، فيما كان الروائيون الأكثر قُدرة على الصبر والبحث هم الأقدر على إنجاز النصوص الطويلة والمتماسكة في الوقت نفسه».
جلستان حواريتان
كما شهد ملتقى السرد جلستين حواريتين ثريتين، الأولى بعنوان «السرد والهامش المهمل– التاريخ من زاوية أدبية»، وشاركت فيها: د. عائشة إبراهيم، والكاتبة ليلى عبدالله، ود. أميرة غنيم، فيما أدار الحوار الكاتب والمترجم عبدالوهاب سليمان.
وعلى هامش الجلسة استهلت د. غنيم تصريحها بتساؤل: «كيف تستقدم الرواية إلى رحابها هذا الجانب المنسي ربما من التاريخ؟ وكيف تحاول أن تطوعه لأشكالها، وجماليتها الفنية؟»، موضحة أن هذا التساؤل كان محور النقاش تقريباً، ومشيرة إلى أن المشاركات في الجلسة تناولن كذلك المحاذير الفنية الجمالية، وغيرها.
من جانبها، قالت د. إبراهيم إن الجلسة سلَّطت الضوء على الرواية التاريخية، وعلاقتها بالواقع، وأيضاً علاقتها بالحقيقة والخيال، وكيف يمكن أن تكون الرواية التاريخية إسقاطاً على الواقع أو تساعد على فهم الحاضر.
أما الكاتبة عبدالله، فأكدت أنها مهتمة بالقصة والرواية والنقد، مبينة أن الجلسة تطرَّقت إلى تحويل التاريخ الرسمي إلى تاريخ متخيل عن طريق تسريد التاريخ نفسه، لافتة إلى أن تسريد التاريخ هو فعل جمالي، ورمزي يتناول التاريخ من زاوية خاصة.
وذكرت أنها تحدثت عن روايتها الأولى (دفاتر فارهو)، التي صدرت عام 2018، حيث تناولت الرواية موضوع الهوية، إضافة إلى التركيز على المهمَّشين.
وشاركت في الجلسة الثانية (تحديات القصة القصيرة)، الروائية والكاتبة جميلة سيد علي، والكاتبة صالحة عبيد، والمدونة والكاتبة أسماء الشامسي، حيث ناقشت المشاركات أبرز الإشكالات الفنية التي تواجه هذا الفن.
وعلى هامش الجلسة، أعربت الروائية والكاتبة سيد علي عن سعادتها واعتزازها بالمشاركة إلى جانب زميلاتها الكاتبات، مُعلقة: «الكثير من الأقاويل تمس القصة القصيرة من حيث التحديات التي تواجهها في مجال وجودها على الساحة، وفي مجال تقلباتها وتغيُّراتها، وأيضاً في مجال تقبل الجمهور أو الناشر لهذا النوع من الأدب السردي... كل هذه الأشياء تم تناولها في الجلسة».