عندي كلام ودي أقوله

نشر في 13-10-2025
آخر تحديث 12-10-2025 | 20:07
 حسن العيسى

كفاية، والله مللنا من الاستعراضات الإعلامية لوزراء الحكومة وتوابعهم من صحف وكتّاب الرياء، أولئك الذين لا يتورّعون عن تلميع المسؤولين وترديد شعارات "الإصلاح والتنظيم" حتى فقدت الكلمات معناها. آخر صيحاتهم: من فرق كتاب "املأ الفراغ بالكلمة المناسبة" قد أوجدوا في أعمدة الصحف مكاناً للـ "رَزّة" الإعلامية، وكأننا نعيش في فضاء من حرية الصحافة الحقيقية التي تحاسب وتحلل وتكشف الزيف لا أن تباركه.

تحت ضغوط الواقع السياسي والاجتماعي، تراجعت الصحافة، وباتت تتقبل مقالات "كتاب الروضة" ممن يظنون أن الكتابة تذكرة لعالم النجومية بينما هي في حقيقتها اختبار ضمير وفكر وثقافة أكيدة. والمصيبة أن ما يُنشر لهم يُعدّ عيباً فكرياً يُسيء لكل الأحرار الذين لا يقايضون من أجل الكرامة والحرية، مثل مجموعة الشباب الذين خاطروا بحياتهم ورافقوا قوافل المساعدات إلى غزة المنكوبة — المنكوبة مرتين: بعدوان الصهاينة، وبجهل المتعالين من عربنا الذين لا يرون في فلسطين إلا أخطاء قيادتها القديمة.

لسنا أطفالاً ولا سذجاً. لم تعد صور الوزراء وابتساماتهم تثير انتباه أحد. نعرف اللعبة، ونعرف نتائجها. فاعملوا بصمت... بل لا تعملوا شيئاً أصلاً. اجلسوا على كراسيكم الوثيرة، ووزعوا حصص النفط على المنتظرين آخر الشهر، وارصفوا الطرق التي تُفتح لتُغلق، وتُغلق لتُفتح. أما طريق الحريات، فهو مغلق للصيانة منذ عقود.

ويطل علينا وزير الإعلام “حفظه الله” ليبشّرنا عبر الصحف بأن “قانون تنظيم الإعلام سيعزّز حرية التعبير”! هكذا، ببساطة. وكأن الحرية تُمنح بقانون يصاغ في مكاتب الفتوى والتشريع ويطبخ على نار هادئة ويضاف إليها القليل من الملح والفلفل مع زعفران التكنولوجيا وعلوم النانو وغيرها من كلام منمق، وتحت سقف دولة تتباهى بأنها تراقب الكلمة أكثر مما تحمي صاحبها ليقول كلمته ويمضي. أي حرية وأي تنظيم تتحدث عنه يا صاحب المعالي؟

فلنقف هنا قليلاً... ولنستمع لعبدالكريم عبدالقادر وهو يقول:

"عندي كلام ودي أقوله" — لكن يبدو حتى الكلام البسيط بدوره يحتاج إلى ترخيص وإلا...!

back to top