الغرب وغزة: سقوط الأخلاق في وجه الدم الفلسطيني

نشر في 12-10-2025
آخر تحديث 11-10-2025 | 19:04
 ضاري المير

منذ أن اشتعلت نار العدوان على غزة، لم يكن الامتحان سياسياً ولا عسكرياً، بل امتحاناً أخلاقياً فشل فيه الغرب فشلاً ذريعاً. الغرب الذي يتغنّى ليلاً ونهاراً بحقوق الإنسان، كشف عن وجهه الحقيقي حين صمت عن مجازر تُبثّ على الهواء، وبارك القتلة بعبارة باردة: من حقّ إسرائيل أن تدافع عن نفسها. لكن من يدافع عن غزة؟ من يدافع عن الأطفال الذين تُقطّع أجسادهم تحت أنقاض صواريخ «الحضارة الغربية»؟

ولم يعد الغرب متفرّجاً، بل شريكاً كاملاً في المذبحة. يمدّ القاتل بالسلاح، ويحميه في مجلس الأمن، ويمنع أيّ قرار يُدين جرائمه. هذا الغرب الذي تباكى على أوكرانيا، لم يرَ في غزة سوى أرقام تُضاف إلى نشرة المساء. الإعلام الذي صوّر دم الأوكراني مقدّساً، صمت أمام دم الفلسطيني لأنه «خارج معايير الإنسانية البيضاء». ما أبشع أن يُختزل الضمير بلون البشرة والانتماء السياسي!

وحين تُقصف المستشفيات، ويُقتل الصحافيون، وتُمحى عائلات بأكملها، لا نسمع من الغرب إلا كلمات تبرير خجولة. يا للعار! أيّ قانون دولي هذا الذي يُبرّر قتل الأطفال؟ وأيّ منظومة قيمٍ تلك التي تتحدث عن “العدالة” بينما تبرّر القصف والاحتلال؟ الحق عند الغرب ليس حقاً مطلقاً، بل صفقة سياسية تحددها المصالح واللوبيات والسلاح.

ولم تعد غزة مجرّد مدينة محاصرة، بل مرآة تكشف عفن العالم الحديث. هناك، يُمتحن الإنسان في جوهره. في غزة لا تُقاس البطولة بالبندقية، بل بالقدرة على البقاء حياً رغم الجوع والدمار. في غزة يسقط الغرب من عرشه الأخلاقي، وتنهض القيم من بين الركام: الصمود، والكرامة، والإيمان بعدالة القضية.

الدرس الأخير:

لقد سقطت الأقنعة جميعها. لم تعد أميركا ولا أوروبا تملك الحق في الحديث عن حرية أو عدالة. من يصمت على المجازر لا يملك ضميراً، ومن يبرّرها لا يملك إنسانية. غزة اليوم هي آخر جبهة للأخلاق في هذا العالم المنهار، وستكتب في التاريخ أنّ الغرب خسر كل شيء يوم خذلها: خسر صورته، خسر مصداقيته، وخسر ما تبقّى من إنسانيته.

back to top