غزة بين الغدر والتفاؤل الحذر

نشر في 10-10-2025
آخر تحديث 09-10-2025 | 18:38
 حسن العيسى

لم يكن الغدر الإسرائيلي ونقض الاتفاق الأخير مع حركة حماس مفاجأة لأحد، فتاريخ إسرائيل حافل بخرق اتفاقيات الهدنة والسلام، وغالباً بغطاء أميركي أو بصمت دولي مريب. ومع ذلك، ورغم مرارة التجربة، لا نملك اليوم سوى التفاؤل الحذر. فالمأساة الغزّية مستمرة منذ أكثر من عامين، وحصدت ما يقرب من سبعين ألف قتيل — معظمهم من النساء والأطفال — وسط مجاعة خانقة ودمار شامل.

ليس لأحد أن يزايد بشعارات البطولة من بعيد، فكما يقول المثل: «الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء»، وأهل غزة أيديهم وأجسادهم في النار منذ سنوات، وبطونهم تتلوى من الجوع. لذلك، فإن أي خطوة تخفف مأساتهم أو تفتح باباً لإنهاء هذا الكابوس يجب أن تُبارَك دون تردد.

من البديهي توقّع نقض إسرائيل للاتفاق أو التلاعب بتفسير بنوده وشروطه، لكن ما البديل اليوم؟ ليس أمامنا إلا أن «نلحق الكذاب إلى الباب»، علّه هذه المرة يتوقف عن الكذب والغدر. فالتاريخ السياسي العربي منذ الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية هو تاريخٌ طويل من الخيانات والعهود المنكوثة من القوى الاستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، ثم الولايات المتحدة التي ورثت عنهما سياسة الخداع والسيطرة في الشرق الأوسط وسواه.

الكاتب وضابط الاستخبارات السويسري جاك بود قدّم قبل خمس سنوات كتاباً لافتاً بعنوان «السيطرة بواسطة الأخبار الكاذبة»، عرض فيه نماذج لعمليات التضليل الدعائي التي مارستها القوى الغربية والولايات المتحدة لتبرير تدخلاتها. من حكايات الجنجويد في السودان، إلى قصف سورية بصواريخ «توماهوك» عام 2017 بذريعة استخدام السلاح الكيماوي، مروراً بصناعة تنظيم القاعدة في أفغانستان لتبرير الغزو.

وفي لقاء حديث على «يوتيوب»، قدّم بود تحليلاً دقيقاً لما يجري في غزة، يفضح فيه لعبة السرديات الإعلامية الغربية ولعبة الغرب في الضحك على الذقون، وستكون لنا وقفة تفصيلية في مقال قادم.

back to top