مفاوضات... إصلاحات... انتخابات

نشر في 08-10-2025
آخر تحديث 07-10-2025 | 19:06
 د. محمد المقاطع

الحالة الواقعية على الأرض الفلسطينية والعربية لمَن هو راسخ الجذور فيها ستكون له فيها فعالية نافذة، حتى لو تراخت زمنياً أو لم تثبت منعتها وقوتها في مرحلة أو لحظة زمنية محددة، على خلاف تأثير القادم من خارجها مهما عظمت قوته وقدرته، فتأثيره وتمكنه من الحالة الواقعية سيكون طارئاً وسينتهي بلحظة قادمة وإن تأخرت تلك اللحظة مدة من الزمن.

ومن هذا المنطلق فإن البناء لكيان غريب على المنطقة، رغم بنائه كياناً ومنحه صفة الاستقرار والاستمرار المصطنعة، لن يحظى بديمومة كما هو حال من هو راسخ الجذور فيها وله فعالية دائمة وحاضنة حقيقية تعزز من وجوده.

فالكيان الصهيوني رغم كينونته المصطنعة فهو طارئ ووجوده منذ لحظة إقامته لن يكون دائماً، ولذا نجد أن البناء التكويني للحاضنة التي يستند إليها مبني في مكوناته على ركائز زائلة، وهي حاضنة مكوناتها عصابات إرهابية تم وضعها على شكل مؤسسة عسكرية بنيت على أساس عسكرة كل مكونات الحاضنة الشعبية، فالشعب تم عسكرته بالكامل بمكونات من عصابات إرهابية، وفي هذا التكوين تكمن عوامل انهياره النابعة من طبيعة تكوينه.

والثاني حاضنة شعبية هجين غير مستقر وهو سبب قبول فكرة ازدواج الجنسية لدى الحاضنة الشعبية للكيان الصهيوني، حتى يكون لديها على الدوام خيار اللجوء للجنسية البديلة في أي حالات تشعر فيها تلك الحاضنة أنها لم تعد قادرة على البقاء في هذا الكيان الهش، وأمثلة ذلك متعددة في الهجرات العكسية المستمرة مع كل حدث يهدد استمرار بقائها، وهو ما تجسد منذ عام 1965، وصار حاضراً بشكل جلي بعد السابع من أكتوبر والحرب على غزة والتي شهدت هجرة عكسية لما يقدره المراقبون بنصف مليون صهيوني ويعترف به الكيان بـ60 ألفاً، فضلاً عن الهجرات الداخلية والتي تجاوزت المليون ونصف المليون صهيوني.

والعامل الثالث هو الاعتماد على الدعم الخارجي للاستمرار سواء عسكرياً أو لوجستياً أو مالياً أو حتى سياسياً، وهذا أسوأ مرتكزات هذا الكيان اللقيط وفي معية كل ذلك ندرك عدم القدرة على تغيير الشرق الأوسط ومن ثم تبدد وهْم فرض النفوذ على المنطقة بدولها المختلفة، وقد صدق أمير قطر بمقولته الدقيقة «إنه يحلم أن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ صهيونية... وهذا وهم خطير».

وسيكون المكون الفلسطيني وبمعيته المكون العربي وهو المكون الراسخ الجذور في هذا المنطقة، سيكون له فعالية في هيمنته الواقعية والتي تتسم بالديمومة تلقائياً.

وهذه الحقائق بخصوص هذه المكونات راسخة الجذور ومستقرة، وكان لازماً فتح آلية بديلة لمحاولة إيجاد ركائز بديلة لاستقرار الكيان واستمراريته، فكان الخيار السياسي والدبلوماسي هو البديل والمفاوضات والاتفاقيات هى الآلية البديلة - لكنها أيضاً مستندة إلى دعم خارجي - ليحقق لها ذلك الاستمرار العرضي المقترن بصخب استمرارية الضامن على الفرض، وهو آيل للزوال لعوامل كثيرة بدأت تظهر بتحولات عالمية عديدة، رغم رواج ما يطلق عليه الاتفاقيات الإبراهيمية

وتظهر من بين كل تلك التراكمات ضرورات الإصلاحات في المنطقة مع جنوح شعوبها للوحدة، لكونها باعثاً طبيعياً لدى مكونات جميع الحواضن الشعبية.

وأخيراً تأتي العملية السياسية القائمة على الشرعية المستمدة من الشعبية المتجذرة، وهو ما ينبغي على النخب السياسية والمالية والثقافية والعلمية أن ترشده وتنضجه.

back to top