بالقلم الأحمر: شركات التوصيل والزحمة!

نشر في 05-10-2025
آخر تحديث 04-10-2025 | 20:14
 الجازي طارق السنافي

شهدنا في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في انتشار شركات التوصيل، حتى أصبحت جزءاً لا مفر منه في حياتنا اليومية. ورغم أن هدف هذه الشركات هو تسهيل حياة الناس، فإن الوجه الآخر لهذه الظاهرة بات يُسبِّب قلقاً متزايداً، بسبب الازدحامات الخانقة التي أصبحت تؤرقنا، وتُطيل مدة مشاويرنا.

تحوَّل وجود «السياكل» وسيارات التوصيل إلى مشهدٍ يومي يغزو جميع شوارع الكويت. مواقف الجمعيات والمولات والوزارات والهيئات الحكومية أصبحت «متروسة» بسائقي التوصيل، الذين ينتظرون الطلبات لساعات طويلة، في صورة أشبه بالملاجئ العامة.

هذا التكدُّس لم يخلق فقط أزمة مرورية، بل تجاوزها، والتهاون فيها سيتسبَّب في مشاكل مستقبلية تتعلَّق بالأمن المجتمعي.

لم تَعُد الطُّرق تستوعب هذه الأعداد الكبيرة من السيارات و»السياكل» التي تتزايد بلا حدٍّ أو قانون لردعها. علاوة على أن تراكم العمالة في أماكن محدَّدة، وبأعداد كبيرة، قد يشكِّل بؤراً لمشاكل يصعب السيطرة عليها مستقبلاً. وصحياً، بدلاً من تشجيع الأفراد على الحركة والنشاط، باتت هذه الخدمات تنشط «ثقافة الكسل» والاعتماد الكامل على التوصيل حتى في أبسط الأمور.

في دولٍ أخرى، تعتمد شركات التوصيل على وسائل أقل إزعاجاً وازدحاماً، مثل: «القواري»، أو الدراجات الصغيرة، حيث يتم ضبط أعدادها وتنظيم عملها، للحفاظ على انسيابية الطُّرق والبيئة. أما بالكويت، فقد تحوَّلت إشارات المرور والطُّرقات إلى مناظر بشعة من أسراب «السياكل»، وكأننا حقيقة في سباقات عشوائية وغير منظمة.

يتوجب وضع ضوابط حكومية واضحة تحدِّد أعداد العاملين في شركات التوصيل ونطاق عملهم، وتخصيص مواقف خاصة لسائقي التوصيل عند الجمعيات بأعدادٍ معينة، لتقليل الفوضى أمام المرافق، وتشجيع البدائل، مثل خدمة الاستلام من نقاط محدَّدة في أوقات الذروة، بدلاً من إيصال كل طلب إلى باب المنزل للحد من الازدحامات.

ظاهرة شركات التوصيل في الكويت خرجت عن حدود كونها مجرَّد وسيلة للراحة، وأصبحت أزمة حقيقية تهدد انسيابية المرور وأمن المجتمع وصحة البيئة.

مع اقتراب موسم الشتاء وتضاعف الطلبات، من الضروري التحرُّك العاجل لوضع تشريعات وضوابط تنظم هذه الفوضى.

الحل ليس في إيقاف هذه الخدمات، بل في إدارتها وتنظيم عملها، بما يضمن الاستفادة من مزاياها من دون أن تتحوَّل إلى ظاهرة جديدة وأزمة تُزعجنا وتُوقف الطرقات.

بالقلم الأحمر: لا تنتظروا حتى يتحوَّل الموضوع إلى أزمة معقدة.

back to top