سن التقاعد أم سن اليأس؟

نشر في 03-10-2025
آخر تحديث 02-10-2025 | 18:38
 ليلى آل عباس

أُهديت مجموعة من الكتب القيمة تعود إلى مكتبة أحد الأشخاص الذين توفاهم الله، أسألكم الدعاء له.

ومن بينهم جزء من سلسلة مناهل الأدب العربي، لا يحتوي على سنة الإصدار، لكن وفق محركات البحث، فإنه يعود إلى الخمسينيات. وفي هذا الجزء تم اختيار الأديب ميخائيل نعيمة ومختارات من أدبه ومقالاته.

إحدى صفحاته كانت بعنوان «أبو بطة» لشخص كبير في السن، خدم فترة من حياته في الجيش العثماني، ادّخر طوال حياته فقط 10 ليرات ذهبية عثمانية، مكملا حياته في العمل كعتّال برجْل معيبة، متحديا جسده ومحيطه وربّ عمله، وحتى لا يتم الاستغناء عنه قام بحمل برميل كبير نتج عنه سقوطه جثة هامدة في سن الخامسة والثمانين.

لم تمرّ أيام قليلة من قراءتي لتلك الصفحات حتى تصادفت مع موظف سابق (متقاعد) في أحد المستشفيات، وكانت تلك المرة الثانية التي أراه فيها بمختلف السنوات، منهكا.

تمعنت أكثر وأحصيت عدد المتقاعدين الذين أعرفهم والذين أصبحت مرحلة التقاعد بالنسبة لهم رحلة لعلاج الأمراض المتراكمة طوال سنوات الخدمة أو الناتجة عن التقاعد. قليلا من التأمل في القصة الأولى بطلها في الخامسة والثمانين، والآخرون في بداية الستينيات من عمرهم، الأول لديه لياقة والآخرون لا. لا أعلم هل الأمر مرتبط بفرق الأجيال، طبيعة الحياة، طبيعة العمل، إدمان العمل أم ماذا؟

اجتمع أغلب الخبراء على أن أفضل سن للتقاعد في الستين، حيث لا يزال الفرد يتمتع بالصحة والعطاء، أي بإمكانه الاستمرار في العمل أو بداية رحلة جديدة. ولكن مع الأسف واقعيا نشهد على النقيض تماماً في أغلب الحالات والمستشفيات تشهد وكأنهم وصلوا إلى مرحلة سن اليأس. أرى أن ذلك ناتج عن تكريس الحياة فقط للعمل دون الالتفات للاهتمامات والهوايات. زرعت حتى تحصد والحصاد، ولله الحمد هو استمرار صرف الراتب بعد التقاعد، والآن يجب أن تزرع وتعطي لذاتك وجسدك. ما تراه الآن ثانويا سيكون أساسيا فيما بعد.

تمرّن، اقرأ، مارس هواية جديدة كل يوم. لا تهمل هذا الجانب حتى تتجنّب الفراغ وما قد ينتج عنه من أمراض جسدية ونفسية.

ولنكن واقعيين، هناك أشخاص يصعب عليهم تنفيذ ذلك، ولديهم إدمان للعمل، وهنا أقترح على المعنيين أن تُتاج الفرصة للمتقاعدين للعمل، كالاستعانة بهم لتدريب الموظفين الجدد أو خلق فرص عمل تناسب خبرتهم وسنهم.

back to top