بدون مجاملة: ما هو حلمك؟

نشر في 03-10-2025
آخر تحديث 02-10-2025 | 18:34
 سارة صالح الراشد

هذا السؤال يرافق كل الناس في مختلف مراحل حياتهم، يسألون الآخرين ويسألون أنفسهم، وقد طُرِح على مر العصور والأجيال، وهو ليس ذاك السؤال المستحدث «أين تجد نفسك بعد خمس سنوات؟» - ولطالما كرهت هذا السؤال! - لأنه ظهر كمنهجية جديدة قصر عليها الاجتهاد والمثابرة والنجاح، أما سؤال «ما هو حلمك؟»، فهو قديم مباشر مكرر أزلي!

لكن لهذا السؤال تأثير خيالي، يحفّز الأمنيات، إنه حالِم بحد ذاته! يجعل المرء يفتّش في جنبات روحه ويغوص في استرجاع الماضي، أو يفكر مليّا في حاضره، وغالبا.. يتحسر على نفسه!

البعض يمضي حياته متخيلا أن حلمه بعيد! أنه أراد وتعنّى، لكنه لم يدرك ما تمنّى! وفي الواقع لديه الكثير من المزايا والنعم. يظل يدور في المساحات نفسها، ويقلّب الذكريات نفسها، وأنه كان يحلم بأن يكون فنانا أو طبيبا، أو مخترعا أو كاتبا، لكنه - بكل أسى - أصبح في موقع آخر.

هناك أحلام وهناك مواهب، ربما ما تحلم به ليس ضمن مواهبك، ليس ميدانك! يشدك، يعجبك، تقدّره لكنه ليس مقدرا لك.

ربما ما تقوم به الآن شيء مطلوب، قد أديته منذ زمن فأتقنته، واليوم لديك خبرة وأسلوب مميز وسُمعة حسنة، حتى لو كنت في وظيفة بسيطة جدا.

ربما لديك شغف دفين يحتاج إلى أن تكتشفه وتصقله!

أحلامنا ليست حتميا مهنة بمسمى برّاق، أو ميدالية ذهبية في رياضة ما، أو تجارة تدرّ أرباحا طائلة، أو مظهرا اجتماعيا أو ماديات. أحلامنا قد تكون ممارسات خفيفة وتقليدية، نشاط نستمتع به، كالحرص على القراءة، أو اجتماعنا مع أسرنا وأصدقائنا، التعرّف على هواية جديدة، تعلّم لغة أو مهارة أو حرفة. أحلامنا قد نكون نعيشها فعليا بما لدينا، أحلامنا قد تكون أمامنا وتتطلب خطوة، وليست أمرا طافيا في عالم مجهول لا ندري إن كانت ستتحقق وكيف ومتى! ونحيط أنفسنا بسحابة إحباط ونكد بأن سنواتنا ضاعت وآمالنا غابت ولم يبق إلا مسؤوليات الحياة ومشقاتها!

ربّة المنزل التي تسمع «بالاستحقاق والاستقلالية واعتزل ما يؤذيك»، تظنّ أنها بذلت حياتها من أجل أسرتها، ويطاردها اعتقاد ووساوس بأنها لم تُنجِز وتُبدع وتظهر! وهي في الحقيقة أدت الدور الأصعب بدعم زوجها وتربية أبنائها واحتواء عائلتها، أو كانت صديقة وفيّة، وجارة طيبة.

الأحلام ليست أمورا مستحيلة، ليست محسومة بزمن معيّن، ليست بالضرورة عملاقة، خارجة عن المألوف!

الأحلام تأتي بأشكال متعددة، متجددة.

لك الحق أن تحلم، وعليك أن تعمل لتحقق، وكما قال محمود درويش: «قِف على ناصية الحلم... وقاتل».

back to top