رياح وأوتاد: حتى لا يزداد عدد الفقراء ويزدادوا فقراً

نشر في 02-10-2025
آخر تحديث 01-10-2025 | 20:07
 أحمد يعقوب باقر

يقول كارل ماركس عن المجتمع الرأسمالي إن إيرادات الأغنياء تفوق مصروفاتهم، فيقومون باستثمارها ويزدادون غنىً، بينما تقل إيرادات الفقراء ومتوسطي الدخل عن تغطية احتياجاتهم بسبب الغلاء والتضخم، فيزدادون حاجة وقد يتحولون إلى الفقر، وتحدث تدريجياً حالة الاستقطاب، حيث يقل عدد الأغنياء ويزدادون غنى، بينما يزداد عدد الفقراء ويزدادون فقراً، مما يؤدي إلى الصراع الطبقي.

لذلك عمل المفكرون في المجتمع الرأسمالي للحيلولة دون وقوع هذا الصراع، فتم إنشاء نقابات العمال وتحسين أوضاعهم ووضع الأنظمة الضريبية وقوانين حماية المستهلك وحماية المنافسة وتوفير ورعاية فرص العمل الوطنية.

في الكويت هناك خشية حقيقية من وقوع الاختلال الطبقي والاستقطاب، لأن 90 بالمئة من قوة العمل موظفون في الحكومة، وتستهلك رواتبهم الدخل النفطي كاملاً، حسب تقديرات الميزانية الحالية، مما يحول دون إقرار زيادات جديدة لهم، بل يحول دون استمرار انفراد الحكومة بالتعيين مستقبلاً، ومن المتوقع طول انتظار الوظيفة الحكومية أو البطالة وتقليل الزيادات والبدلات والكوادر.

أما إحالة الموظفين إلى التقاعد فتُفاقم عجز «التأمينات» الذي يفوق حالياً 25 مليار دينار، ومازالت الدولة تصرف على بعثات داخلية وخارجية في تخصصات غير مطلوبة بسوق العمل، وأما القطاع الخاص فلا يزال محدوداً ولا يمكن أن يستوعب الأعداد الهائلة المقبلة على سوق العمل ولا حتى عُشرها، وما زالت الحكومة تحتكر أكثر من 85 في المئة من أراضي الدولة، ولا تستغلها في تحرير الأراضي لمختلف النشاطات الاقتصادية والصناعية والتجارية والخدمية.

وفي المقابل، يسيطر الغلاء والاحتكار واختلال قواعد المنافسة على كثير من النشاطات الاقتصادية، خاصة بعد أن تم تغيير قانون حماية المنافسة الذي صدر أثناء رئاستي للجنة المالية في مجلس الأمة، حيث أزيلت منه بعض المواد، ومنها تعريف السيطرة والتعامل معها، كما تم تغيير قانون الوكالات التجارية، مما جعل تطبيق هذين القانونين مشوهاً ومحدود الإصلاح في محاربة الاحتكار والسيطرة وانفراد الوكالات، مع اليقين العالمي بأن حريّة المنافسة ومكافحة السيطرة لهما تأثير عظيم في مواجهة التضخم وخلق فرص العمل وتوسيع وحماية الطبقة الوسطى.

ولقد تم تقديم عدة تقارير لمعالجة الوضع الاقتصادي في السابق أشهرها تقرير بلير، وتقرير اللجنة الاقتصادية الاستشارية العليا التي كنت أحد أعضائها، وقدمت هذه اللجان تقارير وحلولاً اقتصادية ممتازة، ولكن الحكومات المتعاقبة وضعتها في الأدراج.

لذلك من حقنا أن نخشى على الكويت من هذه الاختلالات، فيجب أن تعمل الحكومة على الفور، بالاستعانة بفريق اقتصادي ومالي، وبمرجعية اقتصادية إسلامية، على إصلاح هذا الوضع غير القابل للاستمرار، قبل أن يزداد الفقراء فقراً ويزيد عددهم، ويزداد الأغنياء غنىً ويقل عددهم.

back to top