بلال يصدر «الدمية تحكم» و«جمهورية الخبز والعسكر»
• النصان المسرحيان يدينان امتهان الإنسان والسيطرة على مقدرات المجتمع
أصدر عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الأسبق، د. محمد مبارك بلال، كتابا جديدا يضم مسرحيتين من تأليفه هما «الدمية تحكم.. خيال مريض»، و«جمهورية الخبز والعسكر.. الرهان يستمر!».
ويهدي بلال الإصدار الجديد إلى الكويت، ويقول ضمن هذا السياق: «إلى الكويت التي بدونها لم يكن هذا الكتاب ممكنا.. ولا ما سبقه ولا ما سيليه»، كما لم يفُته أن يستذكر من كان لهم دور كبير في الحركة الفنية الكويتية، وقال ضمن هذا الإطار: «أهدي هذا الإصدار إلى الرائد العربي الأستاذ زكي طليمات، وكذلك رائد الثقافة والتنوير والفنون الأستاذ حمد الرجيب، والأستاذ الكبير إبراهيم مبارك إسماعيل، الذي بدون جهوده وإصراره لم يكن هناك وجود لمعاهد الفنون في الكويت».
مسيرة كتابة النص
ويستذكر بلال رفيق دربه الفنان سعد الفرج، مؤكدا دوره الكبير في مجال كتابة النصوص المسرحية بالكويت، ويقول ضمن هذا الإطار: «أهدي هذا الإصدار أيضاً إلى من لا يمكن للتاريخ تجاهل دوره الأول في تصحيح مسيرة كتابة النص المسرحي الكويتي الشعبي ورسم مسيرته منذ عام 1966، حينما أطلق الفنان سعد الفرج إبداعه الجديد لفرقة المسرح العربي العتيدة ولفن المسرح في الكويت والخليج العربي، وكانت مسرحية «عشت وشفت»، ونحن نكرر سعيه على نفس المنوال الحي المتكرر نعم للكويت.. عشنا وشفنا».
سيطرة مطلقة
في مقدمة الإصدار، يعتقد بلال أن هذين النصين المسرحيين «الدمية تحكم..» و«جمهورية الخبز والعسكر» يكمنان على نقطة الإدانة الدائمة المغروسة في مكان ما من الدائرة، كما يدعوها شكسبير بـ «دولاب الحظ»، منتظرين تكرار الفعل الإنساني بالتسلّط وروح السيطرة المطلقة على مقدرات الإنسان.
ولقد اختار المؤلف أسلوبا فنيا يجعل النصين يمتهنان أسلوبا أقرب إلى السخرية العبثية في الخطاب، والتوغل الفاعل في طبيعة الحدث المسرحي بكل أجزائه في «روح نص العرض هذا، فالحوار المزدوج الوجوه، وإن بدا بأنه هجومي وساخر يعكس عقول وأمزجة الطغاة، إلا أنه في الأغلب بالنسبة للمتلقي يمثّل إدانة لهم ولامتهانهم لروح الانسان ومقدراته».
ويرى بلال أن «ثمّة أفرادا يعينون الإنسان المتجبر الذي يودّ البطش بالآخرين، فهو يجيد تحريكهم كالدمى وفقاً لأهوائه»، ويقول ضمن هذا السياق: «لأن المتسلطين دوما ما يختفون وراء احد او شيء ما، ففي مسرحية الدمية فهم يختارون الاختباء والتنكر خلف دمية من صنع عقولهم المريضة ويحملونها كل جرائمهم ضد الانسان. وهو ايحاء لدمية بلا إرادة تحرّك بخيوط باهتة لا تحمل أي معنى سوى الطاعة المطلقة والخنوع للسيد المتسلط. ولكن وبينما يتعلّق مصير الإنسان بحبال وقيود في عوالم الدمية نرى في (جمهورية الخبز والعسكر) بأن مَن يحرّك الدمى قد تخلى علنا عن الحبال، وانتقل الى عمق الروح الهزلية في عبثه المجنون بأن تحولت طموحاته بالتسلط، تنطلق من روح الرهان في عالمه المجنون، وعندما يسقط في الحفرة ويسقط رهانه، يظل ورثه مستمرا كلعنة أبدية ضد الانسان ومستقبل حياته».
الرهان يستمر
حول النص الآخر في الإصدار، يوضح بلال أن هذه مسرحية «جمهورية الخبز والعسكر... الرهان يستمر» تعبّر عن فكرة خطيرة ومدمرة لمستقبل الإنسان العربي وكذلك دول العالم الثالث، وهي عسكرة المجتمع والفتنة الطائفية، ففكرة عسكرة أي مجتمع في عالمنا المعاصر، تؤسس تدريجيا للقضاء على المجتمع المدني، من خلال تدمير أسس العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، ودورها التنموي والطبيعي في المجتمع، وهذه العسكرة يمكن أن تمثّل الخطوة الأولى، تليها الفتنة متمثلة بالحركات الطائفية والعرقية والسياسية المتطرفة، التي يمكن اعتبارها الخطوة الثانية المدمرة والنهائية لأي سلام وتطوّر في أي مجتمع. ومسرحيتنا هذه خطوة في التنديد والتحذير من خطورة هذا التوجه الذي قد يبتدي معكوسا أيضا من خلال التأسيس الأوّلي للفتنة، ومن ثم جعل العسكرة مطلبا قسريا وضروريا، لدعم التنافس الدموي للسيطرة على مقدرات المجتمع.
سيرة ذاتية
يُذكر أن الناقد والكاتب د. محمد مبارك بلال المانع من مواليد المرقاب - الكويت 1947، وحاصل على دكتوراه في الأدب والنقد، قسم الدراما، من جامعة اكستر/ بريطانيا 1985، وأستاذ مادة الدراما وأدب المسرح.
وكان العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية 1989 - 1994، وله إصدارات متنوعة منها الكتب: «مقالات في النقد المسرحي»، و«مقالات ودراسات في المسرح»، و«المسرح العربي الخليجي وتوظيف التراث»، ودراسة «تاريخ المسرح في الكويت»، و«بحث عروبة المسرح في الكويت.. الكويت في قلب الثقافة العربية»، و«بحث المسرح الكويتي الواقع والطموح».
ومن أعماله المسرحية، «ترنّموا كي يصحو المارد»، مسرحية «المنتظرون في الخارج»، مسرحية «الدمية تحكم.. خيال مريض»، مسرحية «جميعا في الأرجوحة»، «العرض الأخير»، «تشاءلوا تصحّوا»، كما له مسرحيات أخرى.
وهو حائز جائزة الدولة التشجيعية للترجمة لعام 2003، وجائزة الدولة التشجيعية في الدراسات الأدبية والنقدية لعام 2016.