«سي إن إن» وكومي
يا لها من مصادفة مواتية لشبكة سي إن إن، إذ يبدو أن لديها مصدرًا في قلب القضية الفدرالية ضد المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، جيمس كومي، لكن السؤال: لماذا اختفى هذا المصدر فجأة من شاشتها؟
يعرف مرتادو المطارات المخلصون ظهور أندرو مكابي المتكرر على الشبكة لتحليل قضايا تتعلق بمكتب التحقيقات الفدرالي. ومع التطورات الأخيرة، أصبح مكابي «ضيفًا أثمن» للشبكة، إذ إن لائحة اتهام كومي تجعله في قلب الحدث.
فقد أوردت «وول ستريت جورنال» أن هيئة محلّفين كبرى في فرجينيا وجّهت اتهامًا لكومي بالكذب في شهادته أمام «الكونغرس» عام 2020 بشأن تحقيق المكتب في علاقة حملة ترامب بروسيا عام 2016. وجاء في اللائحة أنه أنكر تحت القسَم أنه سمح لموظف آخر بأن يكون مصدرًا صحافيًا، بينما تشير الأدلة إلى أنه فعل. وقد استجوبه السيناتور الجمهوري تيد كروز بشأن تسريب مكابي، (نائبه السابق)، معلومات إلى «وول ستريت جورنال» حول تحقيق كلينتون فاونديشن، وهو ما نفاه كومي.
ورغم الشكوك الواسعة حول قدرة وزارة العدل على انتزاع إدانة في هذه القضية، ورغم أن تصريحات ترامب الاحتفالية قد تساعد دفاع كومي، فإن القيمة الإخبارية لتعليق مكابي ارتفعت بشكل هائل. غير أن المشاهدين لاحظوا غيابه عن تغطية وولف بليتزر في «سي إن إن»، رغم أن القصة تصدرت قائمة الأخبار الأكثر قراءة على موقع الشبكة.
هل بدأت «سي إن إن» بمحو أي أثر لمكابي من تغطيتها؟ قد يكون مكابي نفسه سعيدًا بتواريه عن الأنظار الآن، إذ إن وزارة العدل في عهد ترامب سبق أن حققت معه في الحادثة نفسها ولم توجّه إليه أي تهم. والآن، بما أن روايته أصبحت أساس قضية الادعاء ضد كومي، فهو على الأرجح بعيد عن أي خطر قانوني.
لكن غيابه يثير سؤالاً محرجًا: هل تحاول الشبكة حماية رواية ترى أن القصة تتمحور حول ترامب وحده؟ بعض محلليها ذكروا اسمه باقتضاب، مشيرين إلى أن شهادته السابقة قد لا تناقض بالضرورة شهادة كومي، إذ ربما أبلغه بالتسريب بعد وقوعه لا قبله، مما يعني أن كومي ربما «تسامح» معه بدلاً من أن يأذن له. لكن يصعب تصديق أن شخصًا مثل كومي، المخضرم في دهاليز واشنطن، يترك قرارات حساسة كتسريب معلومات خطيرة لمعاونيه دون إشراف مباشر.
ظهور مكابي على الشاشة الآن لتأكيد ما قاله سابقًا من شأنه أن يجعل كومي يبدو مراوغًا، حتى لو لم يثبت ارتكابه جريمة. وإذا كانت الشبكة لا تصدّق رواية مكابي، فلماذا استمرت في تقديمه للمشاهدين على أنه خبير موثوق لسنوات؟
إنها لحظة حرجة لـ «سي إن إن»، فالقضية تدور حول تناقض مزعوم بين روايتَي رجلين طالما قدّمتهما الشبكة كرمزين لمقاومة ترامب. من الواضح أن أحدهما على الأقل لن يخرج من هذه القضية بصورة البطل. كما يطرح ذلك سؤالاً عن عدالة تغطية الشبكة، إذ كما يقول الناقد الإعلامي تيم غراهام: «الكذب على الكونغرس يُصوَّر كجريمة خطيرة عندما يُتهم به الجمهوريون، لكن هل ينطبق المعيار نفسه على كومي؟»
* جيمس فريمان