‏إلقاء اللوم على الأفراد وتبرئة النظام

نشر في 13-01-2023
آخر تحديث 12-01-2023 | 19:49
 د. هشام كلندر

من الخطأ دائماً إلقاء اللوم على الأفراد وتبرئة النظام، ويقصد بالنظام الشركة أو المؤسسة أو المنظمة أو بشكل أكبر وأعم الحكومة التي تضع القوانين واللوائح المنظمة لعمل الموظفين في النظام المؤسسي.

نعم دائما نطالب الموظف بالإنتاجية والفعالية والكفاءة والجد والاجتهاد لمصلحة المؤسسة التي يعمل لديها، ولا شك أن لبيئة العمل دوراً في تحفيز الموظف أو تثبيطه، فعندما توظف الحكومة أضعاف احتياجاتها، وتخلق جواً من البطالة المقنعة، فكيف ينتج الموظف؟ وعندما يساوي النظام المجتهد مع المتقاعس، الملتزم مع المهمل، فكيف يتحمس الموظف؟ وعندما تكون الترقيات على الأقدمية والعلاقات، والاسم والمساومات، فكيف يخلص الموظف؟ وعندما يكون هناك مركزية في القرار لمصالح ضيقة، فكيف يبدع الموظف؟ وعندما ينعدم العطاء مقابل الأداء، ويضعف مبدأ الثواب والعقاب، فكيف يجدّ ويجتهد الموظف؟ فعندما تكون بيئة العمل غير صحية، وبيئة طاردة، أو بيئة غير منتجة، حتما سيضعف أداء الموظف.

يجب ألا نلقي اللوم على الأفراد وتبرئة النظام، والدليل أن الفرد نفسه لو عمل في بيئة مختلفة ومنتجة لتحسن أداؤه وزادت إنتاجيته، لذلك يجب على المنظمات خلق ثقافة الإنتاجية وثقافة التحسين المستمر، وذلك من خلال خلق روح وبيئة تزدهر فيها الإنتاجية بشكل طبيعي، كامتداد أو تطور لثقافة التحسين المستمر، مما ينتج عنه إحداث تغيير إيجابي يجب الحفاظ عليه داخل المنظمة.

إنشاء ثقافة تتمحور حول الإنتاجية يتطلب جهدا وتحسينا مستمرا للإنتاجية وتركيزا مكثفا ومكافئا على المستوى التنظيمي، ومن علامات المنظمة المنتجة نمو الابتكار وشعور الموظفين على جميع مستويات المؤسسة بالارتباط والتمكين للمساهمة بالأفكار.

فالمنظمات التي لديها ثقافات التحسين المستمر للإنتاجية تعطي الأولوية للتدريب والتطوير، وتعمل على إزالة عقبات الإنتاجية وتزود أعضاء الفريق بالموارد اللازمة للقيام بعملهم بكفاءة وفعالية، كذلك في المؤسسات المنتجة يتوافق عمل الجميع مع أهداف المنظمة وتجد لديهم فهما واضحا للاستراتيجيات والمنهجيات المستخدمة والأهداف الواجب تحقيقها.

في النهاية الثقافة تقود السلوك، والسلوك يحرك النشاط، والنشاط يدفع الإنتاجية، وعندما يؤمن الموظفون برؤية المؤسسة واستراتيجيتها، فمن المرجح أن يكونوا عناصر فعالة ومنتجة، ويؤدي التوافق مع الرؤية إلى خلق بيئة تمكينية، حيث يأخذ الموظفون زمام المبادرة دون انتظار المديرين لإخبارهم بما يجب عليهم فعله، لذلك لا يقع اللوم على الأفراد فقط بل على النظام أيضاً.

back to top