تقرير الشال : مشروع تحويل الكويت إلى بلد سياحي يصطدم بواقع المطار و«الكويتية» والبنى التحتية المتخلفة
• توقُّف 14 شركة طيران عن الهبوط في الكويت يعني فقدان البلاد ومطارها وخدماتها لتنافسيتها
قال التقرير الأسبوعي لشركة «الشال» للاستشارات، إن الحكومة أعلنت الأسبوع الفائت أن أحد خيارات تنويع مصادر الدخل سوف يكون تحوّلها إلى بلد جذب سياحي «منصة Visit Kuwait».
وأضاف «الشال» أن البداية صحيحة في تيسير عملية التواصل للحصول على الموافقات الضرورية لدخول السائح إلى الكويت، وبشكل آلي بعيداً عن الروتين والاجتهاد الشخصي، لكن تحويل المشروع إلى واقع مجدٍ يتطلب أن تكون البداية مجرد إشارة يتبعها مشروع ضخم يحوله إلى مشروع دولة يعالج 3 متطلبات أساسية.
وأفاد بأنه سيفرد فقرة في تقريره لكل منها، بدايتها مع مطار الكويت الدولي، وذلك لا يستثني المنافذ الحدودية البرية، وثانيها الناقل الجوي الوطني الذي يحتاج إلى استراتيجية مختلفة واستثمار كبير، وثالثها البنى التحتية الداخلية، وتشمل الطرق وقطاع الضيافة والنقل، وحتى نظرة على منظومة القيم في التعامل مع الزائرين.
والبداية مع مطار الكويت الدولي، الذي بدأ تنفيذ مشروع إنشائه في يونيو 2017، وبعد وضع حجر أساسه خضع لأكثر من تأجيل لتاريخ إنجازه، آخرها عندما أعلن تأجيل الإنجاز من عام 2022 إلى أواخر عام 2024 ثم إلى الربع الأخير من عام 2026، ففي 11 أغسطس 2025 وافقت لجنة المناقصات على الأمر التغييري الثالث عشر بتمديد عقد الإنجاز 466 يوماً، وقد يُمدد مجدداً.كي يكون المطار جزءاً من مشروع اقتصادي متكامل يجب أن يتزامن إنجازه مع مشروع محترف وقيّم لإعداد البشر المختصين مهنياً لتسلّمه
المنافذ البرية معظمها في وضع متخلف عن جوارها بناءً ونظافة وطُرقاً
وأوضح أنه خلال هذه الفترة، توقفت 14 شركة طيران عن الهبوط في مطار الكويت الدولي، وأسباب قراراتها للتوقف مختلفة، لكنها تنحصر في فقدان الكويت ومطارها وخدماتها لتنافسيتها، مما يعني أن إنجاز المبنى الذي تأخر كثيراً لا يكفي، ولا بُد من عمل موازٍ وحتى أكثر صعوبة لاستعادة تنافسيته. ولكي يكون المطار جزءاً من مشروع اقتصادي متكامل، لا بُد أن يتزامن الإنجاز مع مشروع محترف وقيّم لإعداد البشر المختصين مهنياً لتسلّمه، ولا بُد من اهتمام خاص بمساهمته في خلق أكبر عدد من فرص العمل المواطنة المستدامة.
ودلل «الشال» على حديثه بالقول: لا بأس من مثال رقمي يشرح تخلّف الموقع التنافسي لمطار الكويت الدولي ضمن نطاقه الجغرافي، مقارنة مع 4 مطارات أخرى، كلها زادت من عدد زوارها عام 2024، ما عدا مطار الكويت الدولي الذي انخفض عدد زائريه.
الموقع التنافسي للمطار تخلّف... فـ4 مطارات خليجية زاد عدد زوارها عام 2024 ماعدا مطار الكويت الذي انخفض عدد زائريه
وتشير الأرقام إلى أن مطار دبي الدولي استقبل 92.3 مليون زائر بنمو 5.7 بالمئة عن عام 2023، واستقبل مطار الدوحة الدولي 52.7 مليوناً بنمو 14.8 بالمئة عن عام 2023، واستقبل مطار الرياض الدولي 37.6 مليوناً بنمو 17.8 بالمئة عن مستوى عام 2023، وسوف يرتفع كثيراً في المستقبل حين اكتمال مشروع طيران الرياض، واستقبل مطار أبوظبي الدولي 29.4 مليون زائر بنمو 28.4 بالمئة عن مستوى عام 2023، واستقبل مطار الكويت، ومعظم زائريه مواطنون ووافدون مقيمون، 15.4 مليون زائر، بهبوط 1 بالمئة عن مستوى 2023.وشدد «الشال» على أن تلك الأرقام تكفي للدلالة على حجم الجهد المطلوب لمعرفة وعلاج تخلّف الموقع التنافسي السياحي للكويت، وذلك ينسحب على المنافذ البرية، ومعظمها في وضع متخلف عن جوارها، بناءً ونظافةً وطرقاً، والأمر يحتاج إلى اهتمام خاص لشمال الكويت وشرقها، أي العراق وإيران، وفيهما تكمن ميزة الكويت التنافسية.
الخطوط الجوية الكويتية
وقال التقرير إنه إذا كانت السياحة مشروع دولة، فالنظرة إلى الناقل الوطني لا بُد أن تترجم إلى تغيير في الأهداف الاستراتيجية للخطوط الكويتية، والتركيز يتحول إلى ما يمكن أن تحققه من عائد اقتصادي يساهم في ربط الكويت بمعظم دول العالم. وقد لا يحقق ذلك هدف الشركة المالي، أي تحقيق ربحية، وربما تسجل خسائر بضع سنوات، لكن العائد غير المباشر لقطاعات الدولة الأخرى، مثل الضيافة والنقل وتجارة التجزئة وغيرها، يعوض ويفوق الخسارة المالية.
وأضاف: عودة للفقرة السابقة حول تنافسية المطارات، لا بأس من المقارنة بين حجم الناقل الوطني لكل منها، ولا من الإشارة إلى أن السعودية وعت الفوارق، وأصبح لها مشروعها قيد البناء، أو طيران الرياض.
النظرة إلى الناقل الوطني لا بُدّ أن تُترجَم إلى تغيير في الأهداف الاستراتيجية للخطوط الكويتية
طيران الإمارات، أكبر شركة طيران إقليمية من حيث الأصول، لديها 267 طائرة، جعلت مطار دبي أعلى مستقبل للزائرين، وحققت في السنة المالية (2024) أرباحاً بلغت 5.19 مليارات دولار. وأسهمت بقوة بالارتقاء بقطاع الضيافة والنقل، مما أسهم بخفض مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات لنحو 30 بالمئة، أي بلغت مرحلة المزاوجة في النفع بين العائدين الاقتصادي والمالي.
ورغم أن الإمارات بلد واحد، فإن الشركة تعيش حالة من المنافسة الحميدة مع شركة طيران الاتحاد (107 طائرات)، نموذجا الأعمال يختلفان قليلاً، أسوة بـ «فلاي دبي»، لكنهما يسعيان لتحقيق الهدف نفسه، وحققت شركة طيران الاتحاد عائداً مالياً عام 2024 بنحو 476 مليون دولار.
اما الخطوط الجوية القطرية، ثاني أكبر شركة منفردة، فلديها 261 طائرة تربط مطار الدوحة بمعظم دول العالم، وليس كل خطوطها رابحة، لكنها نقلت العام الفائت 43.1 مليون راكب، وقد بدأت بخسارة مالية، لكنها حققت أرباحاً بنحو 2.15 مليار دولار في سنتها المالية الفائتة، أي بلغت مرحلة التوافق بين العائدين الاقتصادي والمالي.
وبيّن «الشال»: بينما لا يزال طيران الرياض مشروعاً ضخماً قيد الإنجاز، لا تتبنى شركة الخطوط الكويتية أي نموذج أعمال معروف، فلا هي طيران تجاري بحت يسعى لتحقيق الربحية، أسوة بـ «طيران الجزيرة»، ولا هي وسيلة لتحقيق مشروع دولة بالتركيز على العائد الاقتصادي، حجم أسطولها 33 طائرة، تولّاها 8 مجالس إدارة منذ عام 2008 بصدور مشروع تخصيصها من دون معرفة معايير التعيين والتغيير المتكرر لمجالس إدارتها، وتوالت خسائرها المالية منذ زمن بعيد، وأعلنت قبل بضع شهور تأجيل هدفها ببلوغ مرحلة التعادل المالي، أي لا ربح ولا خسارة، من العام المالي الحالي، إلى أجل لا يبدو مسمّى. وأي نوايا للارتقاء بالموقع السياحي التنافسي للكويت من دون حسم سريع لمشروع الناقل الوطني، لن ينتج عنه سوى تخلّف في الموقع النسبي مقابل المنافسين في الإقليم.• «الكويتية» لا تتبنى أي نموذج أعمال معروف، فلا هي طيران تجاري بحت يسعى لتحقيق الربحية، ولا هي وسيلة لتحقيق مشروع دولة يركز على العائد الاقتصادي.
• «الكويتية» أعلنت قبل شهور تأجيل هدفها ببلوغ مرحلة التعادل المالي، أي لا ربح ولا خسارة، من العام الحالي، إلى أجل لا يبدو مُسمّى.
القيم والبنى التحتية
وقال «الشال»: لا بُد من الاعتراف بعدم سلامة القيم التي تحكم نظرتنا للقادم إلى الكويت، فالاعتقاد الغالب هو أنه جاء ليأخذ لا ليعطي، لذلك تختلف معاملتنا للقادم عن معظم المنافذ المنافسة.
وتمتد تلك المعاملة في كثير من الأحيان إلى الداخل، وبشكل أكثر وضوحاً حين اضطراره للتعامل مع جهات رسمية، ولا تخلو معاملة الجهات المدنية والخاصة منها من التمييز، بينما تعني السياحة القبول بأن القادم يحمل منافعه معه، وتغيير المفهوم الخاطئ هو وظيفة الإعلام والتعليم، متزامناً مع التغيرات الأخرى المطلوبة.
وأضاف التقرير أن بنى الكويت التحتية متخلفة مقارنة بمنافسيها، فالطرق أقرب لمستوى الطرق بالدول الفقيرة، والمساحات الجمالية مثل التشجير غير منسقة، وأحيانا عشوائية، وبعض أشجارها يموت واقفاً ويبقى على حاله فترة طويلة. وبعض مناطق الكويت، وحتى شوارع العاصمة الرئيسية صادمة -شارع فهد السالم مثالاً- مما يجعل السائح يعقد مقارنة مع المنافسين تنتهي لغير مصلحة الكويت، وإصلاحها يفترض أنه لا يحتاج سوى إلى حس وعمل مؤسسي منتظم وغير صعب، وذلك ينسحب كثيراً على تخلّف وسائط النقل العام.
وقال «الشال» إنه بالرغم من توافر مشروعات متميزة في قطاع الضيافة، مثل الفنادق والمجمعات التجارية والخدمات ضمنها، مثل الأكل ومشروعات الترفيه، تظل الطاقة الاستيعابية المتاحة للزائرين دون مستوى المنافسين، بسبب ما ذكرناه في الفقرتين السابقتين، وبسبب القيود الاجتماعية.• أي نوايا للارتقاء بالموقع السياحي التنافسي للكويت من دون حسم سريع لمشروع الناقل الوطني، لن ينتج عنه سوى تخلّف في الموقع النسبي مقابل المنافسين بالإقليم.
• لا بُدّ من الاعتراف بعدم سلامة القيم التي تحكم نظرتنا للقادم إلى الكويت، فالاعتقاد الغالب هو أنه جاء ليأخذ... لا ليعطي.
ففي الإمارات مثلاً 214 ألف غرفة فندقية وعدد كبير من الشقق الفندقية، وفي قطر نحو 40 ألف غرفة بكل مستوياتها، وفي عُمان نحو 33 ألفاً، وفي البحرين 24 ألفاً، وكل الخيارات السكنية الأخرى، بينما توجد في الكويت نحو 10 آلاف غرفة فندقية وحوالي ألفي غرفة شقق فندقية. والكويت بدأت نهضتها قبل الجميع، وكانت قِبلة زائرين وحاضنة لمعظم مقار المنظمات الإقليمية، ولا معنى لموقعها حالياً في آخر المواقع التنافسية، سوى أنها تخلّفت عن تطوير تلك البنى التحتية، إضافة إلى سياساتها وقيودها التي فقدت الترحيب بالغير.
وشدد «الشال» على أن «غرضنا من كل ما تقدّم هو أن النوايا المعلنة حول مشروع ما، تبقى مجرد عناوين لا تكفي لجني ثماره، فالنوايا في خمسينيات وستينيات القرن الفائت كانت تتزامن مع خطط وخطوات لتحويلها إلى واقع، ولمن لا يعرف، ليُلقِ نظرة على المخططات الهيكلية في ذلك الزمن، ليعرف كم كانت الإدارة العامة متميزة.
وما ذكرناه من فقرات حول محطات الإصلاح اللازمة لتحقيق مشروع الكويت مرحبة، وجهة جذب سياحي، لا يرقي سوى إلى تنبيه لبدء دراسة مهنية تحليلية تربط بين النوايا ونجاح مستهدفاتها على أرض الواقع، وعدا عن ذلك، سوف يكون مصيرها مصير رؤية الكويت 2035، التي تراجعت مستهدفاتها السبعة حالياً عن مستواها عام 2017».• بنى الكويت التحتية متخلفة مقارنة بمنافسيها... فالطرق أقرب إلى مستوى طرق الدول الفقيرة.
• النوايا في خمسينيات وستينيات القرن الفائت كانت تتزامن مع خطط وخطوات لتحويلها إلى واقع.
• حتى شوارع العاصمة الرئيسية صادمة - شارع فهد السالم مثالاً - ما يجعل السائح يعقد مقارنة مع المنافسين تنتهي لغير مصلحة الكويت.