في المرمى: رياضة مؤسسات أم مصالح؟
من المفترض أن تكون الرياضة عملاً مؤسسياً خالصاً، لا يتأثر بالأهواء ولا يخضع للمصالح الضيّقة. لكن للأسف، ما نشهده اليوم في ساحتنا الرياضية يجعلنا نتساءل بمرارة: هل نمارس فعلاً «رياضة مؤسسات»؟ أم أننا نعيش في فلك «رياضة المصالح» التي لا ترى أبعد من حدود مكاتب الأندية؟
المشكلة ليست في الاختلاف – فالاختلاف في الرأي صحي ومطلوب – بل في فهم البعض أن وجوده في اتحاد أو هيئة رياضية يعني تمثيل ناديه فقط، وليس تمثيل الرياضة بأكملها. وكأن المطلوب من المرشح أن يكون ناطقاً رسمياً باسم ناديه، لا ممثلاً وطنياً يخدم اللعبة من موقع مسؤولية لا تبعية.
الرياضة الكويتية اليوم تعيش أزمة هوية: هل نحن نمارس العمل المؤسسي في اتحادات يفترض أنها مستقلة وتمثل الجميع؟ أم أن الاتحاد مجرد امتداد لمجالس إدارات الأندية، ومقره الرسمي هو ديوانية الرئيس الفعلي في النادي الفلاني؟ ففي كل مرة تشتد فيها نبرة البيانات، وتخرج لنا الأندية بلهجة غاضبة، نكتشف أن سبب الأزمة ليس مبدأ، ولا رؤية تطويرية، بل فقط لأن «المصلحة انضربت»!
آخر هذه النماذج، بيان نادٍ كبير يعلن فيه سحب مرشحيه من الاتحادات الرياضية لأنهم – ويا للهول حسبما يشير النادي ضمنياً في بيانه – لم يعودوا قادرين على أداء واجباتهم في «بيئة عمل فردية» لا تسمح بالتعاون ولا بالتأثير، وكأن من يُرشَّح يجب أن يسلّم عقله مع استمارة الترشيح، ويصبح موظف علاقات عامة يخدم مصالح ناديه فقط، حتى لو كانت على حساب المنطق والقانون والرياضة كلها! أو أن المطلوب أن تكون الأجواء مفصّلة على مقاس النادي، وإذا لم يحصل ذلك، فـ«رجّعوا مرشحينا البيت»!
الغريب أن أغلب الأندية لا تتحرك ولا تتكلم ولا تصدر بيانات ولا تبدي اعتراضاً على أداء الاتحادات أو مستوى الرياضة ولا «تشم ريحة الشكاوى» إلا إذا مست نار القرارات طرف ثوبها ومصالحها المباشرة، عندها تصحو من سباتها وتنهال التصريحات وتُرفع الشعارات وتُشحذ الأقلام وتبدأ الحكاية المعتادة: «ضعف الاتحاد»، «تجاوز اللوائح»، «غياب التنسيق»، وكأن المصلحة العامة لا تتحقق إلا إذا تحققت مصلحة النادي أولاً، أو كأنهم لم يكونوا جزءاً من هذا الكرنفال الفوضوي لسنوات.
لذلك يجب أن نؤكد أن الحل ليس في سحب مرشحين ولا في التلويح بالمقاطعة، بل في قانون رياضي حقيقي يمنع تضارب المصالح، ويضمن استقلالية الاتحادات، ويقطع الطريق على ثقافة «مرشح النادي الفلاني»، فالاتحاد ليس جمعية تعاونية، ولا جهة تنفيذ مطالب شخصية.
بنلتي
إذا أردنا فعلاً إصلاح رياضتنا، فليبدأ كل نادٍ بإصلاح فهمه لدوره. فالاتحاد ليس «فرعاً» للنادي، والمرشح ليس «مندوباً» في جمعية تعاونية... الرياضة أكبر من الكراسي، وأهم من العناوين! أما إذا استمرت إدارة رياضتنا بمنطق «معي أو ضدي، فخلّوا كل اتحاد نادي، وخلوا كل بطولة ديوانية... وسمّوها بطولة المصالح الكويتية الشاملة»!