مرافعة: جريمة إهانة المحامي

نشر في 25-09-2025
آخر تحديث 24-09-2025 | 20:36
 حسين العبدالله

مثلما كان للقضاء الجالس نصيب من صون سمعته وحفظ كرامته لما لهذه المهنة الرفيعة من مقام كبير بتقرير حماية قانونية جنائية ومدنية تليق بهم، فإن القانون قرر حماية القائمين على أعمال التحقيق الجنائي كوكلاء النيابة العامة محققين أو ممثلين للادعاء العام نظراً لما يؤدونه من مهام كبيرة، كما قرر للسادة أمناء سر التحقيق وأمناء سر الجلسات أيضاً حماية قانونية كونهم موظفين عموميين ويؤدون أعمالاً في خدمة العدالة.

إلا أن المشرع لم يمنح السادة المحامين أي حماية قانونية كرجال القضاء الواقف تحفظ كرامتهم وتجرم إهانتهم في حال قيامهم بواجبهم المهني أمام الهيئات القضائية بكل تفانٍ، حيث أقسموا على احترام القانون ومواثيق المهنة وعدم الخروج عليها ويخضعون إلى نظم التأديب المنصوص عليها في قانون المهنة.

والمشرّع الكويتي قرر حماية للمحامي كالتي قررها للشخص العادي إذا ما تمت الإساءة إليه سباً أو قذفاً فيتخذ الإجراءات التي قررها القانون بتقديم الشكوى أمام النيابة العامة وليس الإدارة العامة للتحقيقات في سبيل تقرير تلك الحماية، لكنه لا يمنح المحامي حماية خاصة تكفل كرامته واعتباره ومقامه المهني، وهو خلل من شأنه أن يقلل من الاعتبار القانوني الذي يتوجب أن يتمتع به المحامي. ليس حظوة أو امتيازاً رفيعاً يتقلده المحامي عند تقرير الحماية القانونية للمحامي في حال قيامه بواجباته المهنية التي يؤديها أمام جهات التحقيق أو المحاكم، وإنما حفاظاً على اعتباره المهني الذي يجب أن يوضع فيه تقديراً لمكانته وللدور الذي يقوم به خدمة للعدالة.

تلك الأفكار أعلاه استخلصتها من تصريحات وزير العدل المستشار ناصر السميط التي أعلن عنها في لقائه بجمعية المحامين مؤخراً من تضمين مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة المزمع صدوره أحكاماً تتضمن عدم جواز حبس المحامي على مخالفته إحدى جرائم الجلسات.

وأود أن أضيف أنه يتعين تجريم إهانة المحامي من قبل القائمين على الوظيفة العامة حمايةً له وصوناً لكرامته وحفاظاً على المهنة التي يقوم بها، وذلك على خلفية وقوع جملة من المظاهر التي تصدر بحقه إزاء أدائه لمهامه المهنية.

بعض من تلك المشاهد التي يتحملها المحامي نتيجة انتظاره لساعات طويلة في الاستراحات، ومنعه من دخول البوابات للقاء بعض رؤساء المحاكم على غير العادة، وأحياناً بسماعه لأحاديث تصدر من بعض السادة المحققين وحتى من بعض الهيئات القضائية وما كان يجب أن تصدر بحقه أو يسمعها الجمهور في القاعة، من عبارات بعضها مليء بالزجر والمقاطعة وأحياناً بالامتعاض بصوت مرتفع يختلط أحياناً بالإهانة وربما الطرد من القاعة وأحياناً أخرى بمنع المحامي من الخروج من القاعات.

أكتب هنا لأنقل بعض المعاناة التي يجب أن تنكشف بهدف تلافي تلك الممارسات التي يتعرض لها المحامي في وقت عمل فيه على بناء علاقة يسودها الاحترام والود تجاه أذرع العدالة من سلطات تحقيق وهيئات قضائية وأجهزة مساندة.

وأفهم جيداً توجس البعض وحذره من التعامل مع السادة المحامين نظير أخطاء ارتكبها ممن ينتمون إلى مهنة المحاماة، لكن في كل مجتمع الجيد والسيئ، ولا يمكن أن يكون ممن عبر عنه بعض السيئين في مهنة المحاماة هو قوام سلوك كل المحامين، ولذا يتعين أن تتقرر القواعد القانونية لحمايتهم صوناً لكرامتهم وتقديراً للمهام التي يقومون بها، وبذات الوقت ينتظر المحامون ذات الحماية حتى يمارسوا أعمالهم ويتملكهم ذات الشعور بحفظ التشريع لكرامتهم واعتبارهم المهني.

back to top