«البابطين» تستهل موسمها بأمسية «ليلة أحمد»
• شارك فيها مجموعة من الشعراء بمناسبة ذكرى المولد النبوي
استهلَّت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية موسمها الجديد بأمسية شعرية بعنوان «ليلة أحمد»، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي.
وشهدت الأمسية حضور رئيس المؤسسة سعود عبدالعزيز البابطين، ولفيف من السفراء والدبلوماسيين، وحشد من الأدباء والمثقفين.
ارتقت المنصة أصوات الشعراء، لتفوح من قصائدهم أنسام المحبَّة المحمدية، وتُضاء القلوب بمدائح تجدِّد ذكرى المولد الشريف، وأدار الجلسة الشاعر رجا القحطاني، مُرحباً بالحضور من جمهور الشعراء والأدباء والنقاد.
وفي كلمته، أكد سعود البابطين أن هذه الأمسية تمثل انطلاقة لموسمٍ ثقافي جديد تحتفي فيه المؤسسة بالشعر العربي وقِيمه، مشيراً إلى أن الاحتفاء بميلاد الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، من خلال الكلمة الصادقة، يعكس مكانة الشعر في حياة الأمة، وعُمق أثره الثقافي والديني. وأضاف البابطين أن هذه الأمسية تُجسِّد نموذجاً لأي بدايات ناجحة، مؤكداً أن كل مشروع ثقافي أو فكري يحتاج لرؤية صادقة وإلهام يستمد جذوره من قِيم راسخة، ليكون رسالة مُضيئة وإشراقة لكل عملٍ جديد يسعى للتميز والنجاح.
افتتح الشاعر مصطفى غافلي من إيران بنصٍّ شعري بعنوان «مسرى إلى مجلس الأمن الدولي».
وجاء دور الشاعر د. سالم خدادة من الكويت، الذي نسج قصيدته (برسالة إلى حبيبي)، مُنادياً حبيباً، هو حبيب الأمة، ليقول: «يا حبيبي يا رسول الله، هذه نبضات قلب خنقه الليل، في وضح النهار، يا حبيبي يا نورَ قلبي وعيني، لك مني شوقي وحُبِّي وحُزني، أشرق الكون حين أشرقتَ فيه، فتهادى ما بين حسن وحسن».
البابطين: كل مشروع ثقافي أو فكري يحتاج إلى رؤية صادقة وإلهام
أما الشاعر عبدالله الفيلكاوي من الكويت، فقد فجَّر في قصيدته «فجر المعنى» شجن الحنين الإيماني، مُبحراً في فضاءات القلب، فجاءت كلماته كمرآة للفؤاد، وهو يتلمَّس أثر الأحبَّة، ليقول: «على ابتداءِ الالَى عهدًا لها ووفَا، لا بالطلول ولكنْ بالفؤاد قِفَا، رسمٌ من الحب مثلُ الوشم ميسمُهُ، سفتْ عليه سوافي غفلةٍ فعفَا، ما كنتُ أسفُ من شيءٍ مضي حزناً، حتى ارتحلتُ فذقتُ الويلَ والأسفَا، ذو النونِ قلبيَ لما أن رحلتُ به، ضلَّ الحياةَ ولم يعرفْ لها هدفَا».
وفي إطلالة شاعرية مفعمة بالصفاء، أضاء الشاعر د. فالح بن طفلة من الكويت بأبياته «بصلوات قصيرة» جوانب السيرة النبوية العطرة، في قوالب شعرية رصينة، ليقول: «كريمٌ وأخلاقهُ في الحياهْ، أَرَقُّ وأصفى من الجدولِ، ومهما ابتلاهُ اللئامُ تراهْ، يصرُّ على طبعهِ الأوَّلِ، سلامٌ عليهِ... على من رعاهْ، على قلبهِ الأجملِ... الأنبلِ، وسبحانَ من لهدانا اصطفاهْ، على المنهج الواضح الأمثلِ».
وفي تتابع اللوحات الشعرية التي وشحت الأمسية بضياء الإيمان، جاء صوت الشاعر يوسف الكندري من الكويت، ليؤكد أن الشعر كان ولا يزال جسراً راسخاً لترسيخ القيم النبوية وتخليدها في الوجدان بقصيدته «غزاني الجهل»، ليقول: «غزانيَ الجهلُ حتى بَدَّدَ الرَّشَدا، ومسَّني الهَمُّ حتى صدَّعَ الكَبِدا، رمانيَ الدَّهرُ عن قوسِ الغَرامِ كما، رمى القضاءُ بعينيْ جؤذَرٍ أسَدا، ورُبَّ فاتنةٍ بالحُسنِ غانيةٍ، لحظتُها فَفَرَتْ مِن همَّتي الجَلدا، تُصانُ بالجيشِ مصقولاً صوارمُهُ، ولو تبدَّتْ لَهُمْ أفنتهُمُ عَدَدا».
ومن الأردن حمل الشاعر د. عبدالله أبوشميس مشاعل الحنين، ليُصوِّر في قصيدته (خادم الرسول) شوق أنس بن مالك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.
والقصيدة تنضح بالوفاء، وتفيض بالدمع، حيث يلتقي فيها التاريخ بالشعر، ومن أجوائها: «لم يبقَ من أحدٍ يدري بلوعتِهِ، يا ربُّ فائذنْ له يمضي لصُحبتِهِ، مَرّتْ ثمانون عاماً ما غفا بصري، إلا وطيف حبيبي ملءُ غفوتِه، صفّيتُ شوقي مع الأيام تصفيةً، فإنْ أتيتُ سآتيهِ بزُبدتِهِ، حيرانُ... ما لي سوى عينيه من أملٍ، ظمانُ... مالي شفاءٌ غيرُ رؤيتِهِ».
مع تواصل فصول الأمسية، جاء صوت الشاعر محمد إبراهيم يعقوب من السعودية، ليُضفي على المشهد الشعري أبعاداً جديدة، حيث مزج بين العُمق الروحي واللغة الحديثة في قصيدته (طه، وترتبك اللغات)، ليقول: «لا كوكبٌ، إلا وثمَّ مدارُ، في أيِّ أفلاك السماء تحارُ؟! العابرون إلى دوار كؤوسهم، لم يدركوا كيف الكؤوس تدارُ! ذابوا ولم يثقوا بقلبٍ واحدٍ، عند الصبابة تُكشفُ الأستارُ».
وحمل الشاعر محمود الباوي من إيران إلى المنصة قصيدةً مشبَّعة بصدق العاطفة وحرارة البوح تجاه النبي الكريم، وجاءت قصيدته بعنوان «بوح فلسطيني في ميلاد النبي»، ليقول: «فَمِن موتيَ الأدنى إلى مسجدِ الأقصى، ومِن حيثُ لا أدري إلى ما الردى أدرى، أتيتُ رَسولَ اللهِ جُرحاً مُبَعثَراً، ولي وَجَعٌ شَيخٌ يُؤجِلُني حِذرا».
كما قدَّمت الشاعرة بدرية البدري من سلطنة عُمان قصائدها بإشراق قنديل روحي عبَّرت عن حُبها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقصيدة بعنوان «قنديلٌ من الغار»، لتقول: «اخلعْ جراحَكَ بالسطرِ المُقدَّسِ، لا يصدَّك الذنبُ عن وحيٍ بكَ ارتحلا، واصعد إلى السدرةِ العُليا بلا حَذَرٍ، من دافِقِ العشقِ، إنْ ناداكَ وانهملا».
أما ختام الأمسية، فقد جاء بصوت الشاعر نادي حافظ من مصر، الذي عمَّق بدوره دلالات المولد الشريف ومعاني الإخاء، ليقول: «وُلِدَ الذي بِنِدَائِهِ تتورّدُ، كلُّ الحدائقِ حينَ يُذْكَرُ أحمدُ، هو أمّةُ في الحبِّ حينَ تَعُدّهُ، وإذا سألتَ الحِلمَ فهو الأوحَدُ، مذْ أشْرَقَتْ فوقَ البريِّةِ رُوحُهُ، والشمسُ مِن خَفَرٍ غَدَتْ تتردّدُ».