الأمم المتحدة تنطلق بـ «حل الدولتين» وموجة الاعتراف بفلسطين تتمدد
• إسرائيل تدرس سيناريوهات الانتقام... وواشنطن تطرح رؤيتها للسلام
مع بداية الدورة 80 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، انطلق مؤتمر «حل الدولتين» الذي تترأسه السعودية وفرنسا في نيويورك لحشد المجتمع الدولي باتجاه تنفيذ تسوية سلمية للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، أمس، فيما أعلنت 6 دول جديدة هي: فرنسا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، ومالطا، وسان مارينو، وأندورا، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، لتحذو بذلك حذو المملكة المتحدة، وأستراليا، وكندا، والبرتغال، وغيرها من الدول.
ووسط ترحيب فلسطيني بتحول تاريخي في مسار انتزاع حق تقرير المصير ورفض إسرائيلي للمؤتمر الذي انطلق بموازاة اجتماعات قادة العالم بالجمعية العامة للأمم المتحدة، بوصفه أنه «سيرك عبثي يكافئ الإرهاب»، صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بأن اليوم الأول من المؤتمر سيناقش خطة اليوم التالي لحرب غزة، مشيرا إلى أن «إعلان نيويورك المرتقب ليس وعداً مبهماً للمستقبل البعيد، بل هو خريطة طريق تبدأ بالأولويات القصوى».
وفي تصريحات منفصلة حذر بارو من رد بأقصى حزم في حال قيام الاحتلال بإجراءات انتقامية رداً على اعتراف باريس بالدولة الفلسطينية، مؤكداً أن المبادرة الفرنسية «تخدم أمن إسرائيل».
وأوضح وزير الخارجية الفرنسي أن «تنفيذ الاعتراف بدولة فلسطين سيكون تدريجياً ومشروطاً بعناصر على الأرض، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن، وإصلاح السلطة الفلسطينية، ونزع سلاح حماس».
ودافع بارو عن خطوة بلده بالقول: «تحليلنا، وقناعتنا الراسخة، هي أن دولة فلسطين تعني نهاية حماس وأمن إسرائيل».
كما برر رفضه استخدام مصطلح الإبادة الجماعية لوصف ما يحدث في غزة بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل ضدها منذ عامين، بحجة أن المسألة يجب أن تُحسم «من قِبل المحاكم الدولية».
ومع ذلك أشار إلى أن تقرير الأمم المتحدة، الذي يستخدم مصطلح الإبادة الجماعية، يسلط الضوء على خطورة الوضع، ويمثل دعوة لوقف ما يحدث لأن «غزة أصبحت مكاناً للموت».
في موازاة ذلك، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، إسرائيل من ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، كرد فعل انتقامي.الاحتلال يخشى الانجرار لمواجهة طويلة مع 20 ألفاً من مقاتلي «حماس»
وصرحت كوبر بأن المتطرفين على كلا الجانبين يسعون إلى التخلي عن أي احتمال لحل الدولتين، لافتة إلى أنه «كما أننا نعترف بدولة إسرائيل، علينا الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في دولة خاصة بهم».
وفي وقت تتزايد عزلة إسرائيل على الساحة الدولية رغم احتفاظها بدعم أميركي صلب، أفيد بأن الرئيس دونالد ترامب يسعى لاستباق الموجة التي يتوقع أن يطلقها «مؤتمر حل الدولتين» بعقد قمة كبرى في نيويورك، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، يطرح خلالها رؤيته للسلام بحضور زعماء دول عربية وإسلامية.
وأعرب ترامب عن أمله في التوصل إلى تسوية دبلوماسية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وللحرب في غزة، فيما ذكرت مصادر لـ«أكسيوس» أن البيت الأبيض يخطط لبحث مشاركة الدول العربية والإسلامية في إعادة إعمار غزة بعد الحرب، وإمكانية نشر قوات عسكرية تابعة لها هناك كـ«قوة استقرار» تحل محل القوات الإسرائيلية بعد انسحابها.
ووصفت الخارجية الأميركية على لسان متحدث لم يكشف هويته، الاعتراف بدولة فلسطينية من قبل عدة حلفاء رئيسيين لواشنطن بأنه «استعراضي»، محذرة من عواقب على تلك الدول بما فيها فرنسا.
سيناريوهات الانتقام
على الجانب الإسرائيلي، كشفت تقارير عبرية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يدرس 3 سيناريوهات انتقامية للرد، مؤكدة حصوله على دعم كامل من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لاتخاذ خطوات أحادية الجانب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويتمثل السيناريو الأول، وفقاً لـ«هآرتس»، في تغيير تصنيف مناطق «ب» في الضفة الغربية، والتي تشكل 22% من مساحتها الإجمالية، إلى مناطق «ج»، وهو ما يعني نقل السيطرة بتلك المنطقة إلى سلطات الاحتلال بدلا من السلطة الفلسطينية.
وذكرت «القناة 12» أن الخيارين الآخرين المطروحين على طاولة نتنياهو، أولهما يقضي بفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق استراتيجية محددة أو على غور الأردن بالكامل، أما الخيار الأخير فيتعلق بإغلاق قنصليات الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، وعلى رأسها فرنسا، التي تنظر إليها حكومة الاحتلال باعتبارها القوة المحركة وراء موجة تسونامي الاعترافات الأخيرة.
وشدد نتنياهو عقب اجتماع مصغر مع حكومته، على رفض الخطوات الغربية وقال «لن تقوم دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. سيتم الرد على أي محاولة لفرض دولة إرهابية في قلب أرضنا بعد عودتي من الولايات المتحدة».
تعزيز الجبهات
في غضون ذلك، أعلن جيش الاحتلال أنه عزز جميع جبهات القتال بقوات جوية وبرية وبحرية خلال فترة الأعياد اليهودية التي بدأت أمس وتستمر حتى منتصف أكتوبر، التي تتضمن الذكرى الثانية لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» وأشعل الحرب الحالية.
ورغم زعم جيش الاحتلال أنه فكك معظم أطر «حماس» العسكرية وهيئة أركانها باستثناء قائد كتية مدينة غزة عزالدين حداد، حذرت تقارير أخرى من أن الحركة الفلسطينية تستعد لجر الدولة العبرية إلى معركة طويلة، وقالت إنها «لاتزال تحتفظ بأكثر من 20 ألف مقاتل مسلح يتركزون في المخيمات المركزية ومدينة غزة».
ميدانياً، شهدت الساعات الأخيرة قصفاً إسرائيلياً عنيفاً على مناطق متفرقة من القطاع المدمر، الأمر الذي أدى إلى مقتل 68، بينهم 50 في مدينة غزة وحدها.