عابـــرٌ في الـدُّنيـــا... خالــدٌ في القُلُــــوب
صدر أخيراً كتابٌ قشيبٌ وتذكاري يحمل عنواناً وذكرى، فالعنوان «عابرٌ في الدنيا... خالدٌ في القلوب»، والذِّكرى أربعينية رجل الأعمال الرَّاحل الشَّيخ أبوبكر عمر بَازَرْعَة، أحد أبرز رجال الاقتصاد والعمل الخيري في اليمن، بل الرَّجل الاستثنائي في كل شـيء، فكره الخلَّاق، ورؤيته المُستشـرفة والمتطلعة للمستقبل، ونجاحه وتفوقه في مجالات عمله الاقتصادية، وأدواره الخالدة في المجال الخيري والإنساني.
هذا الكتاب، الذي حَمَلَ بُعداً وجدانياً، حيث يشير إلى أن هذا الرَّجل مرَّ في دُنيانا كعابرٍ متواضع، لم يغترَّ ببهرجة الأضواء وسِحرها، صِدقها وكذبها، ولم يكن من الباحثين عن الشُّهرة، بل عمل بصمتٍ كبير، ودونما إشهار، وكان همّه الوحيد هو إيصال الخير للناس الأكثر احتياجاً في عموم الخريطة اليمنيَّة، ليترك ضوءاً مُشرقاً في حياتهم، وأثراً خالداً في قُلُوبهم بما قدَّمه من بصماتٍ وأعمال دُوِّنت بالذِّكر الجميل في تاريخ اليمن الحديث، فهو خَرَجَ من طينة هذه الأرض، وحَمَلَ سِحنتها، وطيبة وسماحة أهلها، وهي المذكورة في كتاب الله العزيز بقوله: (بلدةٌ طيبةٌ وربٌّ غفور). فتميَّزت بهذا الوصف الدَّقيق عن بقية بُلدان العالم، وتميَّز هذا الرَّجل الطَّيب المُطيب، الأثير على القلوب، والقريب منها، والرَّحيم والشَّغوف بحُبها، فهو منهم وإليهم، يحمل طِيبتهم وأخلاقهم، بل يمثل عنواناً بارزاً لهم، ورمزاً كبيراً لطالما تفاخروا به، فكان بحق وحقيقة أحد القامات الكبيرة في عصرنا الحالي، قامة للنور، وقِمَّة للضوء، وجوهرة لليمن المغمور والمطمور، بل أحد المؤثرين فيه بفعل الخير وخدمة الإنسان.
إن هذا السِّفر الخالد الذي يحمل عناوين البهاء والنَّقاء والصَّفاء، التي جاشت بها ألسنة وأقلام وعقول الكثيرين من مُحبيه، يُمثل عنواناً للمحبَّة بين الناس، وللعرفان فيما بينهم البين، ولبعضهم البعض، وهذا ما نحتاجه في هذا الزمن، وأكثر ما نُريده أن ينتشر بين صفوفهم ليزين حياتهم، ويُسعد أيامهم.
وهذا الكتاب ليس تخليداً لذكرى رحيل الشَّيخ الرَّاحل، ولا توثيقاً لمناقبه ومسيرته وأثره في العمل الخيري والاقتصادي والاجتماعي، وإن كان يستحق مجلدات وموسوعات لتدوين مسيرته، وذِكْرُ سِيرته، لكنه كتاب توثيقي تأبيني، يجمع بين السِّيرة العطرة، والتَّعازي المكلومة، والصُّور المُوثقة، والأثر الحسن، ويُبرز مسيرة رجل الأعمال الرَّاحل في التِّجارة، والعمل الخيري، والإنساني، والوطنـي، من وجهات نظرٍ مختلفة، والتي أشادت بأدواره، بل وصفته بأنه حاملٌ لمشروعٍ تنموي لليمن، فكان بالحقيقة رجلاً من نور لا يُطفئه الغياب أو الرَّحيل، فمن عاش للنَّاس لا يموت، بل يُخلَّد في أنصع صفحات التَّاريخ وكُتُبه، فهو من التُّجار الذين يبنون وطناً، ومن رؤوس الأموال التي تدعم شعباً، ومن الرِّجال الاستثنائيين بكُل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
يُشكِّل هذا الكتاب وثيقةً مرجعيةً للباحثين الدَّارسين في مجال الاقتصاد اليمني، وريادة الأعمال فيه، يستلهم منه الجيل الجديد قِيم النجاح والعطاء والإخلاص، بل يُعد رسالة حُب ووفاء من أبنائه وعائلته ومُحبيه لرجلٍ أعطى بلا حدود، وترك آثاراً طيبةً لا تُمحى، مُجسِّداً معنى أن يكون الإنسان عابراً بالدنيا، لكنه خالدٌ في ذاكرة الناس بإنجازاته وإنسانيته وأعماله التي قلَّما يفعلها رجل مالٍ وأعمالٍ مثيله أو قرينه.
* صـحـــــافــي يمنــــي