«حل الدولتين»... وإسرائيل «بَي رول»
حين لا يستطيع شخصٌ الانتصار على أعدائه، يبدأ بلوم المُقرَّبين منه على إخفاقاته، ثم تتحوَّل الملامة إلى عداء، ثم انتقام، وهذا ما حدث بين بعض قادة قضية مثل فلسطين والعرب!
فعلى سبيل المثال، يُصادف غداً في عام 1970 القمة الطارئة في القاهرة لوقف الحرب الأردنية - الفلسطينية (أيلول الأسود)، التي انقلبت فيها المنظمة على الملك حسين عاهل الأردن بحرب تمرُّ ذكراها هذه الأيام، وحاولت اغتياله مرَّتين، بعد كل ما قدَّم الأردن، أراضيه، ومُقدَّراته، وحارب بجانبهم!
أما نحن، فلم نرَ إلا وياسر عرفات قد جنَّد سُفراءه حول العالم لعداء سُفرائنا، وتهديدهم، كما حدث مع سفيرنا الغيص بالبرازيل! في حين أن الكويت أنفقت مئات الملايين وقدَّمت الضحايا من أبنائها للدفاع عن فلسطين! ورغم ذلك استمررنا في الدفاع عن القضية ومواجهة إسرائيل بالمحافل الدولية، التي لم تلتزم حتى بتطبيق اتفاقية أوسلو 1993، التي قبض فيها رئيس المنظمة مقابل إخراج القضية الفلسطينية من رحم الأمم المتحدة، وخسارة جميع قراراتها! كما قبلت الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل، ضمن مبادرة السلام العربية، بدعوة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت عام 2002، والتي رفضتها إسرائيل.
وخلال السنوات الماضية، استمرَّت المملكة في إيجاد تحالفٍ دولي لطرح «حل الدولتين» والتطبيع المتبادل وإطلاق سراح الأسرى، ففي أغسطس 2023 نشرت صحيفة وول ستريت جورنال قبول السعودية التطبيع مع إسرائيل، شريطة قيام دولة فلسطينية، وبعدها بشهر عُقد اجتماع عربي- أوروبي في نيويورك، بدعوة من الاتحاد الأوروبي والسعودية، للحديث عن هذا الحل. وبعد عام تقريباً، تطابقت رؤية السعودية مع فرنسا، في زيارة قام بها الرئيس ماكرون للمملكة في بداية ديسمبر 2024، وصدر أثناءها قرار للأمم المتحدة بتكليفهما تنفيذ قيام الدولة الفلسطينية ضمن برنامج زمني محدَّد. وإثر ذلك، عُقد مؤتمر نيويورك في يوليو 2025، بشراكة سعودية - فرنسية، لإعادة صياغة عملية السلام، والذي صدر على غراره الأسبوع الماضي «إعلان نيويورك»، كخطوة لحل الدولتين ووقف الاستيطان وإطلاق النار مع الانسحاب من غزة وتسريح الرهائن وإيصال المساعدات، إضافة إلى إعلان مبادئ يتعلَّق بالحكومة الفلسطينية الانتقالية وإعادة الإعمار.
وفي مراجعة لتواريخ الأحداث التي أشرنا لها آنفاً، سنجد كيف أن «حماس» الإخوانية استعانت بإيران لإجهاض كل جهود سعت لها السعودية والمجموعة الأوروبية لتحقيق حل الدولتين قبل أحداث 7 أكتوبر. والسر في ذلك يعود إلى أن جميع الجهود والمحادثات اعتمدت السُّلطة الفلسطينية ممثلاً عن الشعب الفلسطيني، وليس «حماس»، التي أرادت بهجومها على إسرائيل استعادة وجودها ومكانتها على حساب إعطاء إسرائيل العُذر لتدمير غزة عن بَكْرة أبيها، ومسحها من على الخريطة، وقتل قُرابة مئة ألف فلسطيني، مما يؤكد أن إقصاء «حماس» بات ضرورياً في المبادرة السعودية - الفرنسية، التي ستُعقد غداً (الاثنين)، لتحقيق سلامٍ يرتكز على «حل الدولتين».
وحتى نتعرَّف أكثر على حركة حماس، وكيفية وصول الأموال والأسلحة لها لسنوات في قطاعٍ مُحاصر، ففي جلسة استماع بالكونغرس الأميركي في فبراير 2023 أجاب مسؤول المخابرات على عضو بالكونغرس، بأن «حماس» هي إحدى الجماعات الإرهابية التي تُموِّلها أميركا، إضافة إلى «طالبان» وآخرين! تمويل تقوم به إسرائيل أيضاً، لإبقاء صراع الحركة مع السُّلطة الفلسطينية، أي أن «حماس» ضمن قائمة التمويل الأميركية والإسرائيلية، أو ما يُسمَّى بالإنكليزي: «بَي رول».
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.