شوشرة: ما بين الخطأ والخطيئة
هناك مَنْ يقترف الخطيئة، ويُفسِّرها بأنها مجرَّد خطأ، رغم أنه شتان ما بين الاثنين، فالخطأ، وفق ما عرَّفه الذكاء الاصطناعي، هو فعل غير مقصود أو متعمَّد يقع فيه الإنسان نتيجة ظروف أو جهل، فيما الخطيئة هي فعل متعمَّد يرتكبه الإنسان مع عِلمه بأنه مخالف لأمر الله أو القانون، والفرق بينهما يكمن في القصد والنية، فالخطأ غير مقصود، فيما الخطيئة مقصودة.
وهذا الأمر يغفله العديد عند ارتكابهم لأفعالٍ منافية ومخالفة وتتجاوز حدود العقل والمنطق، وهو أمر أصبح دارجاً لدى أصحاب التبريرات عند ارتكابهم لجرائمهم المختلفة، واختراقهم للقانون بحجج واهية لا تُعد ولا تُحصى، من دون النظر بعين الاعتبار لعواقب أفعالهم، سوى أنهم بعد أن يقعوا في شر أعمالهم يبدأون حالات النواح والندم، وغيرها من الوسائل التي تعبِّر عن ندمهم، رغم علمهم بخطورة ما ارتكبوه. وما نشهده من بعض الذين يستخدمون التكنولوجيا كوسيلة لممارسة خطيئتهم أصبح أمام مرأى الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من دون احترام لأنفسهم أو للآخرين، بل أصبحوا يستعرضون أبشع الأساليب والألفاظ، وغيرها من الممارسات المرفوضة، دينياً، وأخلاقياً. فعلى هؤلاء تدارك الأمر، حتى لا يقعوا في المحظور، ويُصبحوا في مستنقع يصعب الخروج منه، لأنهم يتمادون في ذلك، حتى لو بكلمةٍ سيئة أو قذفٍ أو تشهيرٍ بالآخرين، فضلاً عن الأمور الأخرى التي يرتكبونها. كما أن الأمر مرتبط أيضاً بمَنْ يقوم بمخالفة القانون من أجل تحقيق مُراده.
والسؤال الذي يطرح نفسه: متى يتعظ هؤلاء؟ ولماذا لا يُحاسبون أنفسهم قبل ارتكابهم لذلك، وقبل أن تتم محاسبتهم بالقانون؟ فعملية التباهي التي يقترفها البعض وهم يعبِّرون عن سعادتهم بمثل هذه الأفعال لا يستشعرون بمدى خطورة الأمر وانعكاسه عليهم قبل الآخرين، خصوصاً مع تحويل هؤلاء للتكنولوجيا إلى وسيلة للاستخدام السيئ، بدلاً من الاستفادة منها واستغلالها بالشكل الصحيح والسليم.
إن العودة عن الخطيئة والتوبة هي الطريق السليم الذي يجب أن يتبعه هؤلاء، لأن الصواب والحقيقة هما اللذان سيستقران بالوجدان في نهاية المطاف، فيما ستبقى أفعال هؤلاء في دفاترهم، وستكون وصمة ثابتة على جبينهم، وستُلاحقهم في حياتهم، ما لم يتراجعوا ويعودوا إلى جادة الصواب.
إن عملية الإصلاح النفسي أمر سليم، ودواء لعلاج القلوب المتحجرة والداكنة السواد وغير المبالية لأفعالها السيئة، فليس من العيب تصحيح المسار، بعد أن حاد عن الطريق، حتى لا يتمادوا بأفعالهم، ونهايتهم ستكون عواقبها وخيمة.
آخر السطر:
مراجعة النفس وضبطها هما المعيار للنجاة من السقوط في الوحل.