عائلة قد تفقد مزرعتها بسبب «حق الاستملاك»
في بلدة كرانبري الصغيرة بولاية نيوجيرسي، التي لا يتجاوز عدد سكانها 3800 نسمة، تقف مزرعة عائلية عُمرها 175 عاماً مهددة بالزوال. المزرعة، الممتدة على 21 فداناً، والمملوكة لعائلة هنري، تضم أبقاراً من سلالة «بيلتد غالاوي»، وتُعد بالنسبة للكثيرين آخر ما تبقَّى من مشهدٍ زراعي أصيل في منطقة تغمرها المستودعات الصناعية.
لكن هذه الأرض لم تعد في مأمن. فمنذ عام 2014، أجَّر الشقيقان آندي (72 عاماً)، وكريس هنري (71 عاماً)، المزرعة لمزارع مستأجر، إلا أن السُّلطات المحلية تسعى الآن إلى مصادرتها عبر «حق الاستملاك العام»، وتسليمها لمطور عقاري خاص لبناء مساكن منخفضة الكُلفة.
الخطوة تأتي استجابة لما يُعرف بـ «مبدأ ماونت لوريل»، الذي أقرَّته المحكمة العليا في نيوجيرسي عام 1975، وألزم المدن بتوفير وحدات سكنية ميسَّرة. وبموجب ذلك، يتعيَّن على كرانبري بناء 265 وحدة جديدة خلال العقد المقبل، بينها 130 وحدة تخطط اللجنة البلدية لإقامتها على أرض عائلة هنري، بالتعاون مع شركة تطوير خاصة تُدعى «وولترز غروب».
هذا النوع من المصادرات يجد غطاءً قانونياً في حُكم المحكمة العليا الأميركية الشهير «Kelo v. City of New London (2005)»، الذي منح الحكومات المحلية صلاحية الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، وتسليمها لمطورين إذا اعتُبر ذلك يحقق «منفعة عامة»، كزيادة العوائد الضريبية أو خلق وظائف. لكن كثيراً من الفقهاء والرأي العام اعتبروا القرار خطأً دستورياً يفتح الباب أمام تعسف السُّلطات.
في كرانبري، أثارت القضية غضب السكان. المعلِّم تيموثي برينان (55 عاماً) رفع لافتة ضخمة على أرضه، وأطلق حملة على وسائل التواصل. أنطوني نيكولز (56 عاماً)، وهو سبَّاك، تبرَّع بلافتات لتأييد المزرعة. فيما جمعت حملة تبرُّعات أكثر من 140 ألف دولار لدعم عائلة هنري قضائياً. أما جمعية كرانبري التاريخية، فساهمت ببيع دمى على شكل أبقار دعماً للقضية.
المعارضون يرون أن موقع المزرعة غير ملائم أصلاً لبناء مساكن، إذ يقع على بُعد نحو 4 كيلومترات من وسط البلدة، بعيداً عن المتاجر والخدمات الأساسية، ما قد يضع عبئاً إضافياً على العائلات محدودة الدخل التي لا تملك سيارات.
وزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز دخلت على الخط، إذ وجَّهت رسالة إلى مسؤولي البلدة تحذِّرهم من مخالفة قوانين حماية الأراضي الزراعية الفدرالية في حال استُخدم تمويل حكومي للمشروع. واعتبرت القضية معركة تتجاوز إنقاذ مزرعة واحدة إلى «صراع بين الحُرية والطغيان».
ورغم المعارضة الشعبية، لا يزال حكم «Kelo» سيفاً مصلتاً، إذ وثَّق معهد العدالة أن 5800 عقار خاص صُودرت لمصلحة مطورين في السنة التالية للقرار. واليوم، تواجه المزارع في ولايات أخرى تهديدات مماثلة، خصوصاً مع توسع شركات التكنولوجيا والطاقة التي تبحث عن أراضٍ لإقامة مراكز بيانات وخطوط كهرباء.
تقول رولينز: «أملي وصلاتي أن يُدرك هؤلاء المزارعون أنهم ليسوا وحدهم».
* فيث بوتوم