فوق رؤوسهم ريشة

نشر في 16-09-2025
آخر تحديث 15-09-2025 | 19:49
 حسن العيسى

«لاعت جبودنا» من الجماعات التي تحسب أن فوق رأسها ريشة، الحقيقة أن ثقافتهم بسطحيتها ووعيهم الخامد هي الريشة، يعتقدون أنهم «غير» بقية الخلق، فيجب اعتبارهم فوق أي اعتبار آخر، ويجب على السلطة أن تجعلهم في مقام أعلى من بقية الناس، المسألة الكبرى التي يتعلقون بها هي الهوية، وكأن عرقهم حين يروجون أنهم «الأساس والأصل» بينما البقية من المواطنين دخلاء على الدولة وقد خربوا هذه الهوية الصافية.

الباحث يسكا مونك يضع إصبعه على الجرح في كتاب فخ الهويات. الكاتب يفكك إشكالية الفصل حسب الهويات واختلاق القواعد القانونية لتكريس وشرعنة التفرقة في الهويات، والنتيجة هي خلق قطبية ثنائية وجماعات متنافسة، ليس على إنجازاتها ومساهماتها العلمية أو الثقافية لأوطانها، وإنما فقط حسب ما تروجه من وهم تعالي هويتها.

إدوارد سعيد حذر من نزعات تضخم الذات عند دعاة الهويات المتعالية، فهذا «أبارثيد ثقافي» (تفرقة عنصرية). ويعود الكاتب «مونك» ليقرر أن وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من ممارسة رفضها لسياسة الهويات أضحت أداة لتكريس مثل تلك النزعات الشوفينية، ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على حروب الإكس (تويتر) في الأيام الأخيرة وعرضات الردح عن الأصل والعائلة والقبيلة ليخيل إلينا أننا عدنا إلى حروب داحس والغبراء، وأضحى الأبطال اليوم هم الزير سالم وكليب.

أين الصوت المخالف والمحارب لتكريس صراع الهويات؟ أين الصوت الحر الذي يمكنه أن يمارس النقد الصريح ضد موجة العنصرية وقد أضحت وباء بجسد الوطن؟! لا يوجد، فهذا الصوت المخالف لا مكان له اليوم... حسافة!

back to top