«الوطني»: ملف الرسوم الجمركية مصدر توتر وما زال مفتوحاً

• نمو الاقتصادات الكبرى يحافظ على المرونة مع انحسار ظروف عدم اليقين

نشر في 15-09-2025
آخر تحديث 15-09-2025 | 20:29
No Image Caption

سجلت معدلات نمو الاقتصادات الكبرى أداءً أقوى من المتوقع خلال الفترة الأخيرة، في حين رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعامي 2025 و2026. وبينما يبدو أن ذروة حالة عدم اليقين قد تراجعت، إلا أن ملف الرسوم الجمركية مازال مفتوحاً، وقد يبقى مصدر توتر في المرحلة المقبلة.

وفي الولايات المتحدة، وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يواجه الاقتصاد ضغوطاً ناجمة عن ضعف سوق العمل وارتفاع التضخم، رغم بقاء النشاط الأساسي عند مستويات مقبولة نسبياً، فيما تتعرض استقلالية الاحتياطي الفدرالي لهجوم غير مسبوق، الأمر الذي قد يتسبب بتداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي. أما في منطقة اليورو، فقد ساهمت الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في إعادة قدر من الاستقرار، غير أن توقعات النمو تبقى محدودة. وفي المملكة المتحدة، يفرض التشديد المالي المتوقع في ميزانية نوفمبر تحديات إضافية على آفاق الاقتصاد. وفي اليابان، زادت التطورات السياسية من حدة مواطن الضعف المالي، مع ارتفاع عائدات السندات طويلة الأجل لأعلى مستوياتها منذ عقود، بينما تستعد الصين لتحقيق المستوى المستهدف للنمو الذي حددته الحكومة عند نحو 5 في المئة هذا العام، بدعم من استمرار تهدئة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

تواصل الرسوم الجمركية دفع معدل التضخم للارتفاع، إذ صعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، باستثناء السكن، إلى 2.7 في المئة، على أساس سنوي، حتى شهر أغسطس، مقابل 1.8 في المئة في أبريل. وفي ظل غياب صدمات جمركية إضافية، من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أشهر أخرى قبل أن يتبين الأثر الكامل لهذه الرسوم. وشهد سوق العمل الأميركي ضعفاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إذ بلغ متوسط الوظائف المضافة شهرياً نحو 27 ألف وظيفة فقط خلال الفترة من مايو إلى أغسطس، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3 في المئة، والذي يعد أعلى المستويات المسجلة منذ أكتوبر 2021. ومن الممكن أن يبقى نمو التوظيف ضعيفاً حتى مع خفض أسعار الفائدة، باعتبار أن الضغوط تأتي من جانبي الطلب والعرض معاً.

وتشير العقود الآجلة حالياً إلى خفض الفائدة بمعدل تراكمي يصل إلى نحو 150 نقطة أساس حتى نهاية عام 2026، لكن هذه التقديرات يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، حتى في حال تحققها، فإن تراجع العائد على مختلف السندات الحكومية الأميركية (باستثناء الأدوات قصيرة الأجل) يبقى غير مضمون.

وعلى الصعيد التجاري، ساهمت الاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة وعدد من شركائها الرئيسيين في تقليص حالة عدم اليقين وتحسين المعنويات، إلا أن ملف الرسوم الجمركية مازال مفتوحاً، مع عدم التوصل لاتفاقيات بين الولايات المتحدة وبعض أكبر شركائها التجاريين ووجود تعريفات قطاعية جديدة قيد الإعداد. وتزداد الصورة تعقيداً مع انتقال قانونية هذه الرسوم إلى يد المحكمة العليا الأميركية، إذ قد يعيد أي قرار بإلغائها إشعال حالة عدم اليقين مجدداً.

من جهة أخرى، بدأت آثار الهجوم غير المسبوق من جانب الإدارة الأميركية على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالظهور، مع ترجيح أن تزداد التحديات بعد انتهاء ولاية رئيس المجلس الحالي جيروم باول في مايو 2026. وعلى الرغم من أن الأسواق تتعامل مع هذا التهديد حتى الآن بهدوء نسبي، فإن الصورة قد تتغير جذرياً إذا تبين أن استقلال البنك المركزي قد أصبح موضع شك فعلي. وعلى صعيد أكثر إيجابية، فعلى الرغم من المستويات المرتفعة من عدم اليقين التي سادت معظم هذا العام، نجح النشاط الاقتصادي في الحفاظ على قدر من التماسك والمرونة، إذ نما مؤشر «المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص» بنسبة 1.9 في المئة على أساس سنوي خلال الربعين الأول والثاني من العام الحالي، وإن كان أقل من متوسط 3 في المئة المسجل في 2024. ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، والذي شهد تذبذبات ربعية حادة ناتجة عن اضطرابات التجارة، نحو 2 في المئة في 2025، مقابل 3 في المئة تقريباً خلال عامي 2023 و2024.

back to top